للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الخيار، انقلب إلى الولي القوَّام عليه، ويعارض ما ذكرنا أنه لو كان كذلك، لكان الجنون كالموت، وكان المجنون كالمعدوم، حتى تخرج المسألة على قولين في بطلان الخيار، وليس الأمر كذلك، ولا شك أن من نسي العقدَ، وفارق المجلس، ثم تذكره، فينقطع خيارُه، ولو أكره على المفارقة حتى تعدى بنفسه المجلسَ، فيظهر تنزيل هذا منزلة ما لو حُمل وأُخرج.

ولا وجه لتقريب ما نحن فيه من أحكام الحِنث في اليمين، وقد ذكرنا قولين في أن الناسي هل يحنَث في يمينه؟ فالذي نحن فيه لا يُتلقى من ذلك الأصل؛ فإن المعتبر في نفي الحِنْث، في حق الناسي على قولٍ = أن الحالف جعل اليمين وازعةً إياه مما حلف عليه، وهذا يُشعر بتخصيصه عقد اليمين بحالة الذكر؛ فإنّ اليمين المنسية لا تَزَعُ.

والأصل الذي نحن فيه ليس من ذلك، والناسي إذا فارق مجلس العقد في حكم مضيّعٍ حقَّ نفسه بالنسيان.

وأما إذا كان مكرهاً، فقد نقول: لا يبطل حقه اللازم بما هو مكره فيه، وذلك واضح لمن أَلِفَ مسالك الفقه.

فصل

٢٨٩٦ - خيار الشرط ثابت في نص السنَّة، وهو متفق عليه، ومذهب الشافعي أنه لا يُزاد على ثلاثة أيام، والمتبع في ذلك التوقيفُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، في حديث حَبّانَ بنِ مُنقذ، أنه قال فيما رواه نافع، عن ابن عمرَ، قال: "كان حَبانُ بنُ مُنقذ رجلاً ضعيفاً، وكان قد سُفع في رأسه مأموماً (١)، فجعل له النبي صلى الله عليه وسلم الخيار فيما اشترى ثلاثاً، وقال له: بع وقل لا خِلابة" (٢) وكان


(١) سفع في رأسه مأموماً: أي أصيب إصابة بالغة بأم رأسه، أي أصابت دماغه.
(٢) حديث حبان بن منقذ: متفق عليه من حديث ابن عمر: البخاري: كتاب البيوع، باب ما يكره من الخداع في البيع، ح٢١١٧، ٢٤٠٧، ٢٤١٤، ٦٩٦٤، ومسلم: البيوع، باب من يخدع في البيع، ح ١٥٣٣، وانظر تلخيص الحبير: ٣/ ٤٩ ح ١١٨٧، وليس عند الشيخين، ولا أصحاب السنن تسمية حبان بن منقذ، وأنه المخاطب بالحديث. ولكنه عند الشافعي، =