للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٢٩٧١ - ومن فروع الفصل بيع الزُّبد بالزّبد، وفيه وجهان ذكرهما الصيدلاني: أحدُهما - الصحة كبيع اللبن باللبن؛ فإنّ الرغوةَ التي في الزبد مختلطة بالسمن اختلاطاً خِلقياً، وهو أثبث من اختلاط رُكني اللبن، فإن ذلك الاختلاط يميّزه المخض، والرغوة لا تتميّزُ عن الزبد إلا بالنار. والوجه الثاني - أنه لا يصح بيع الزبد بالزبد، كما لا يصح بيع الشهد (١) بالشهد؛ فإنّ صفاتِ السمن لائحة من الزبد، كما يلوح العسل في الشهد، واللبن في مدرك الحس كالجنس الواحد المنبسط، والأَقِط من المخيض (٢)، وكذلك المَصْل.

وأجمع الأصحابُ على منع بيع الأقِط بالأقِط، وذلك أنه إن كان مختلطاً بملح كثيرٍ يظهر له مقدار، فيلتحق بيع بعضهِ بالبعض ببيع المختلط. وإن لم يكن فيه ملح، فهوَ معروض على النار، وللنار فيه تأثير عظيم، فيلتحق القول فيه بالكلام في المنعقد، إذا بيع بعضه ببعض. ولم يفصلوا بين أن يكون عقدُه بالنار، أو بالشمس الحامية، وإذا امتنع بيع الأَقِط بالأقِط، فيمتنع بَيعُه بالمصلِ؛ فإنهما من المخيض، ولا يتفاوتان في الصفات تفاوتاً يختلف الجنس به، ويمتنع بيع المخيض بالأقِط والمَصْل. كما يمتنع بيع العصير بالدبس.

وبيعُ الجبن بالجبن باطل بالاتفاق؛ فإنه مختلط معقود، ولا شك في تفاوت العقد في الجبن، وهذا ظاهر فيه. وبيع الجبن بالأقِط ممتنع، كما يمتنع بيع اللبن بالأقِط.

قال العراقيون: الأقِط، والمخيض، والمَصْل، والجبن، جنسٌ واحد. أما المخيض والأقط والمصل، فكما ذكروه. وأما الجبن ففيه ما يُجانِسُ المخيضَ، وهو كقول القائل: اللبن والأقِط جنسن واحد، [والوجه] (٣) أن يقال في اللبن جنس الأقطِ. وذكر شيخي أبو محمد في بيع اللِّبأ باللِّبأ (٤) وجهين، وهو في الحقيقة لبن


(١) الشَُّهد بالفتح والضم العسل في شمعه. فإذا فصل من الشمع صار عسلاً.
(٢) المخيض: فعيل بمعنى مفعول: مخضت اللبن، فهو مخيض، إذا استخرج الزبد منه.
فالمخيض: اللبن بعد استخراج الزبد منه.
(٣) زيادة من (هـ).
(٤) اللبأ مهموز وزان عنب: أول ما تدرّه الحلوب بعد الولادة، قيل أكثره ثلاث حلبات، وأْقله حلبة.