للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أحدُهما زيفٌ، فلا شك في انفساخ العقد في ذلك القَدرِ، ويتفرع في الباقي قولا تفريقِ الصفقةِ على ما سيأتي إن شاء الله تعالى.

وإن تفرقا، ثم كان بعضُ ما قبضه على خلاف الوصف مع اتحاد الجنس، فيخرجُ القولان في ذلك القدرِ الذي هو دون الوصف. فإن قلنا: لو ردّهُ، لانفسخ العقد تَبيُّناً (١)، فهل ينفسخ في الباقي على قولي تفريق الصفقة؟ [أم لا] (٢)؟ وإن قلنا: لا ينفسخ العقدُ تَبَيُّناً، فليستبدل ذلكَ القدرَ. ولا يتطرقُ إلى هذا تفريقُ الصفقةِ؛ فإن التفريق ينشأ من انقسام حكم العقد ابتداءً، صحةً وفساداً، أو انتهاء فسخاً وإنفاذاً.

وقد يلتحق بما ذكرناه اشتمال الصفقةِ على جنسين من العقود، كالإجارة والبيع. وما ذكرناه من الاستبدال في البعض -حيث انتهى التفريع إليه- ليس من أصول [تفريق] (٣) الصفقة في شيء.

فصل

٢٩٨١ - ذكر الشافعي في آخر الباب الصورةَ التي فرضناها في مد عجوةٍ ودرهمٍ، وهي بيع الدنانير المروانيَّة والعُتُق بالدنانير الوسط، وقد قدّمنا تفصيلَ المذهب في هذا الأصل، ثم ذكر بعد ذلك إباحةَ الذريعة التي لا تُناقض أصول الشريعة.

فإذا كان عند الرجل مائةُ درهمٍ صحاح، فأراد أن يحصل له مكانها مائةٌ وعشرون درهماً مكسرةً، فالوجه أن يشتري بالمائة سلعة أو دنانيرَ، ويسعى في إلزام العقدِ بطريقه، ثم يشتري بالسلعة أو بالدنانيرِ المائةَ والعشرين المكسَّرة، ويصح ذلك.

وقصدَ الشافعي بما ذكرهُ الردَّ على مالكٍ (٤)، فإنه يمنع أمثال هذا، واحتج الشافعي


(١) التبين: قريب في معناه من الاستناد الذي شرحناه آنفاً، فهو أن يظهر في الحال أن الحكم كان ثابتاً من قبل في الماضي، بوجود علة الحكم، والشرط كليهما، في الماضي (راجع شرحاً أتم وتمثيلاً للتبيين في حواشي باب النفاس).
(٢) زيادة منا، رعاية للسياق، حيث سقطت من الأصل، وامّحت من (هـ ٢).
(٣) مزيدة من (هـ ٢).
(٤) ر. القوانين الفقهية: ٢٥١، الكافي في فقه أهل المدينة: ٣٠٤، تهذيب المسالك للفندلاوي: ٤/ ٢٥٢.