والذي قطع به الأئمةُ: أن للمشتري أن يجبر البائعَ على تفريغ أرضه، ونَقْلِ الأحجارِ منها، ولا تعويل على انتفاء الضِّرار، كما صوَّرناه، بل الأصل تمكن المالك من الإجبار على تفريغ مِلكهِ، والذي يوضح ذلك أن انتفاع البائع في التبقية ظاهرٌ، وربَّما يحتاج لو نقل الأحجارَ إلى موضعٍ يكتريه لينضدَ الحجارةَ فيه، فانتفاعُه بملك الغير، من غير إذنٍ واستحقاقٍ محالٌ، وقد يَعِنُّ للمشتري أن يضع مكان الأحجار أحجاراً لنفسه، فلا شك في وجوب القطع بأن المشتري لو أراد، أجْبرَ البائعَ على النقل. نعم، إذا استوى الأمران في عدم الضرار، فلا خيارَ للمشتري في فسخ البيع بسببه.
٣٠١٨ - ولو كانت الأحجار تضرُّ بالأرض، ولكنَّ نقْلَها ودفعَ ضررِها على القُرب واليُسر ممكن، في زمانٍ لا تثبت لمثله أجرةٌ، فلينقل البائعُ إذا كان كذلك - ولا خيارَ للمشتري. وهو بمثابة ما لو باع الرجلُ داراً، ثم لحق سقفَها أَدْنى خَلل، بحيث يمكن تداركُه قريباً، فإذا أدركه البائعُ من غير استعمالِ عينٍ جديدة فيها من ملكه، فلا خيارَ للمشتري.
ولو باع عبداً، فغصبه غاصبٌ، واستمكن البائعُ من استرداده على القُرب، فلا خيارَ للمشتري. وكذلك لو نال العبدَ مرضٌ، وكان يزول بالمعالجة الناجزةِ على التحقيق، فلا خيارَ للمشتري إذا سعى البائعُ في طرد ما جرى.
وقد ذكر العراقيون وصاحبُ التقريب هذه المسألةَ، ولا خفاءَ بها، وما ذكرناه فيهِ إذا لم يكن في النقل ضررٌ، أو كان، ولكن هو عرضة الإزالة على قُرب، وكان لا يحتاج إلى تعطيل الأرض المشتراة، في مُدّةٍ لمثلها أجرةٌ.
فأما إذا لم يكن ضرر راجعٌ إلى رقبةِ الأرض، ولكن كان النقلُ لا يتأتى إلا بتعطيلِ منفعةِ الأرضِ، في مدّةٍ لمثلها أجرةٌ. فأولُ ما نذكره في ذلك أن المشتري يثبتُ له الخيار في فسخ البيع، إذا لم يكن مطّلعاً على شيءٍ حالةَ العقد. فلو قال البائع: لا تَفسخ؛ فإني أَغْرَم لك الأجرةَ، فقد ذكر صاحب التقريب في ذلك وجهين: أحدهما - أنه يبطل الخيار، ويجب على البائع النقلُ، وبذلُ أُجرةِ المثل؛ فإن إبقاءَ العقد، وجَبْر حق المشتري، ببذل الأجرة أَوْلى. والثاني - أنه على خيارهِ، كما لو