المستحق بالعقدِ، فصارَ كما لو جَرى التلفُ مقدّماً على التسليم، وما يستند إلى سبب سابق في العقدِ يتنزل منزلةَ ما لو سبق هو بنفسه. والدليل عليه أن البائع لو أبرأ المشتري عن شيءٍ من الثمن، لم يسقط ذلك عن الشفيع، ولو حُطّ مقدارٌ من الثمن أَرْشا لعيبٍ قديمٍ كان، فهو محطوط عن الشفيع لمكان استنادِه إلى العيب المقترن بالعقدِ.
ومن أصحابنا من أجرى المسألةَ على قولين وإن كان التلف بسبب ترك السقي، ذكرهُ صاحب التقريب، وأورده الصيدلاني على وجهٍ سأُنبّه عليه بعد الفراغ عن الترتيب الذي أريده.
وهذا الاختلافُ قريبُ المأخذِ من أصلٍ سيأتي في باب الخراج: وهو أن من اشترى عبداً مُرْتدّاً وقبضه، ثم قُتل بالردة في يده، فهذا التلفُ بعد القبضِ، ونفوذِ تصرّفِ المشتري، ولكنه مترتب على سبب سابق. فإن قلنا: العقد ينفسخ، فلا كلام. وإن قلنا: العقد لا ينفسخ، فسببُ التلفِ تَرْكُ السقي وهو اعتداءٌ من البائع.
وإذا ترتب التلفُ على سببِ عدوانٍ، تعلق به الضمانُ، فالوجه أن نقول: إن لم يطلع المشتري على حقيقة الحالِ، حتى تلفت الثمار، فيضمنُ البائعُ لا محالةَ.
٣٠٦١ - وإن بدا عَيْبٌ بالثمارِ لترك السقي، فكيف الوجه فيهِ؟ قال الصيدلاني: للمشتري أن يرد بالعيب، وزاد فقالَ: لو انقطعَ الماءُ، فله الرد بمجرد انقطاعِ الماءِ، ثم استتم الكلامَ فقال: إن فسخ، فلا كلامَ. وإن لم يفسخ حتى تلفت الثمارُ، ففي وضع الجوائح قولان.
وهذا كلام مختلِطٌ، فانَّ ثبوت الخيار فرعُ وضع الجوائح، كما قدمتُه في التفريع على القولين. وكلام الصيدلاني يدل على أن الخيار يثبت على القولين. وهذا على إشكالهِ متفقٌ عليه من الأصحاب.
فإذا عابت الثمارُ بسبب تركِ البائع السقيَ، فللمشتري الخيارُ، وإن حصل العيب بعد التسليم، ووقع التفريعُ على أن الجوائح لا توضع، وأن التالف بالآفة السماوية من ضمان المشتري، وتعليلُ ثبوتِ الخيارِ مع ثبوتِ اليدِ للمشتري تفريعاً على القولِ الجديد أن الشرع ألزمَ البائعَ تنميةَ الثمار بحكم العقدِ، فيصير العيبُ الحادثُ بهذا