للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حقهُ، أو أقَلُّ من حقه، فهل يصح البيعُ في [هذه الصورة] (١)؟ ذكر العراقيون وجهين: أحدُهما - وهو اختيار أبي إسحاقَ أن البيعَ يصحّ؛ [لأن القبضَ ناقلٌ] (٢) للضمان، فإذا انتقل الضمانُ، تَم الملك وزايله [الضعفُ] (٣) المترتب على تعرض البيع للانفساخ عند تقدير التلف. وإذا صادفَ البيعُ مِلكاً تاماً مِن مالكٍ مطلقٍ، نَفَذَ.

والوجهُ الثاني -وهو اختيار ابنِ أبي هريرةَ- أنه لا يصح البيعُ في شيءٍ مما قبضهُ؛ فإن القبضَ فاسدٌ، وهذا ما قطع به شيخي، وطوائفُ من الأصحاب. وتوجيهُ الوجهِ يترتب على إثبات فسادِ القَبضِ، والدليل عليه الخبرُ الذي رَويناه من الأمر بإجراء الصَّاعَين، ومناهي الرسول صلى الله عليه وسلم محمولةٌ في هذه المَواضِع على الفسادِ، واقتضاءِ التحريم.

ثم قد أطلق الأولون الحكمَ بفسادِ القبض على الجُملة، مع المصير إلى تصحيح البيعِ في القدرِ المستيقَن. فلو قيل: فما معنى الفَسادِ على هذا الوجهِ مع صحَّةِ البيع في القدر المستحق؟ قلنا: لو قبض الطعامَ كيلاً، ثم ادّعى بعد ذلكَ نقصاناً متفاحشاً، لا يتوقعُ مثلُه في الكيل، لا يُقبل قولُه، ولو قبضهُ جزافاً، كما صورناه، ثم ادَّعى نقصاناً متفاحشاً عن حقه، فالقول قَولُهُ مع يمينه؛ فإن البائع يدعي عليهِ قبضَه، وهو يُنكِرُه، فالقول قولُه.

وهذا ليس مَحْملاً واضحاً في فسادِ القبض المعترف بهِ. وقد قيل: لو باع الجملةَ على جهالةٍ، فالبيع في الكُلِّ باطل قولاً واحداً، ولا يخرّج [على] (٤) تفريق الصفقة، فهذا أثرُ الحكمِ بفسادِ القبض بالجملةِ.

وهذا كلام مختلط؛ فإنا إذا نقلنا الضمانَ، وجوزنا التصرُّف في القدرِ المستيقَن، فقد صححنا القبضَ فيه، والوجه في فرض بيعِ الكُلِّ التخريج على قول تفريقِ الصفقة، ولا حاجةَ إلى الاعترافِ بفسادِ القبض في الكل، مع التصحيح في التفصيل، وإنما


(١) زيادة من (هـ ٢).
(٢) في الأصل: لا القبض ناقل.
(٣) في الأصل: الضعيف.
(٤) في الأصل: عن.