للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرع:

٣٠٩٣ - إذا كان لرجل على رجل دينٌ موزونٌ، استحقَّهُ عليهِ وزناً، فلا يستحق القبض فيه إلا وزناً، سواءٌ كان ذلك في بيع أو قرضٍ، أو غيرِهما.

فلو ألقى من عليه الحقُ إلى مستحِق الحق كيساً فيه دراهمُ مجهولة، وقال: خذها بحقِّك، فأخذها من غير وزنٍ، فالقبض فاسدٌ غيرُ مملِّكٍ، كما سبق. ولكن لو تلفت تلك الدراهمُ في يدِ القابضِ، كانت مضمونةً عليه؛ فإنه قبضها على قصد التملُّكِ، فإذا لم يصح مقصودُه، ثبت الضمان، ولا ينحط هذا من ضمان المحكوم به في حق المستام.

ولو ألقى إليه الكيس، وقال: خذ منه حقَّك، فإنه لم يسلِّم إليه ما في الكيس مملِّكا، ولكن سلَّمها إليه، والملكُ دائمٌ للمسلِّم، فوكَّله بأن يقبضَ حقه منه، فإذا قبض حقهُ منه وزناً، ففي صحَّة القبضِ الوجهان المقدَّمان في نظائرِ ذلك، ولو تلفت تلك الدرَاهِمُ في يده، قبلَ أن يقبضَ منها حقَّه، فلا يكون التالف مضموناً عليه؛ فإن يده يدُ الوكيل المؤتمن قبل أن يقبض، ولا ضمان على الوكيل فيما تلف تحت يدهِ.

وليس كيَدِ المستام؛ فإنه قبض ما قبض لمنفعةِ نفسِه من غير استحقاقٍ، واليد إذا كانت بهذه الصفةِ، فهي يَدُ ضمان والتوكيل ثابت ويدُه مستمرةٌ على حكم الأمانة، إلى أن ينشأ قبضُ حقِّ نفسهِ. وهذا يناظر ما لو أودع عند رجل عبداً، وذكر أن المودَعَ له أن يستخدمَ العبد إن أراد ذلك، فاليد يدُ وديعةٍ في الحالِ، فإذا ابتدأ في الاستخدام على حكم العارية، فيصير العبدُ إذْ ذاكَ مضموناَّ؛ فإنه مستعار الآن.

٣٠٩٤ - وذكر شيخي تردُّداً عن القفال في مسألةٍ أجراها في أثناء الكلام، وهي أنه لو دفع رجلٌ إلى إنسانٍ دراهمَ، وقال له: اشترِ لنفسِكَ بهذا شيئاً، فقال: يجوز أن يحمل مُطلقُ هذا التسليم (١) على الإقراض، ثم لا يخفى حكمُه، ويجوز أن يحمل على الهبةِ والنحلة، والدليل عليه أن الشافعي قال: " إذا قال من لزمته كفارة لمالكِ عبدٍ: أعتقه عنّي، ولم يذكر عِوضاً، فإذا أعتقه عنه مطلقاًً، صحّ، وحُمل العتقُ على جهةِ التبرع " فليكن الأمر كذلك هاهنا.


(١) ساقطة من (هـ ٢).