للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يرتدُّ إلى ملك البائع تبيُناً (١) قبل تقدُّر تلفه. وهذا من ضرورة الحكم بالانفساخ، فإنه لو هلك ملكاً للمشتري، لاستحال أن يُستردَّ الثمنُ، ويُقضَى بانفساخ العقد، حتى قالَ الأئمةُ: لو مات العبدُ المبيعُ قبل القبض، فمؤنةُ تجهيزه ودفنهِ على البائع.

ثم إذا كان يتقدم انتقالُ الملك على التلف، فقد ذكر بعضُ المصنفين وجهين في التقدير: أحدهما - أنه ينتقل الملك إلى البائع قبيل التلف. والثاني - أنه يستند إلى أول العقد. وحقيقة هذا يرجع إلى أنا نتبين بالأَخَرة أن لا عقدَ أصلاً، فيكون العقدُ قبل القبض موقوفاً على ما تبين، فإن لم يسلَم المبيع، تبيَّنا أن لا عقدَ فيما مضى.

وهذا في نهايةِ البُعد.

وبنى هذا القائلُ الزوائدَ المتجدّدة بعد العقد على ما ذكره. وقال: إن قدرنا النقلَ قبيلَ الموت (٢)، فالزوائدُ المنفصلةُ تسلم للمشتري؛ لأنها تجدّدت على ملكه، وإن حكمنا بتبين [انتفاء] (٣) العقدِ، فالزوائد تكون للبائع على طرد التبين أيضاًً، ولعلنا نعيد فصل الزوائد في باب الخراج.

هذا كله تفصيل القول فيه إذا تلف المبيع لا بجنايةِ جانٍ.

٣١٠٤ - فأما إذا أتلفه متلفٌ، لم يخلُ إما أن يتلفَه أجنبي، أو يتلفَه المشتري، أو يتلفَه البائع.

فإن أتلفه أجنبي، فالذي قطع به المراوزةُ أن البيعَ لا ينفسخ. وذكر العراقيون قولين في انفساخ العقد: أحدهما - أنه ينفسخ، كما لو تلف بالآفة السماوية؛ فإن المعقود عليه العينُ المبيعةُ وقد فاتت. والقول الثاني - أن البيع لا ينفسخ، ولكن المشتري بالخيار. كما سنفصله في التفريع. ووجه هذا القولِ أن إتلاف الأجنبي أعقب ضماناً على المتلف، والقيمةُ إذا ثبتت خلفت المقوَّمَ في الأعواض المالية.


(١) سبق أن شرحنا مصطلح التبيّن، وهو أن يظهر في الحال أن الحكم كان ثابتاً من قبل في الماضي بوجود علة الحكم والشرط كليهما في الماضي.
(٢) كذا. ولعلها: قبل (التلف).
(٣) زيادة من (هـ ٢).