للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخيارُ بصور التردد. ومن أصحابنا من حكم بطهارة لبنها وحرّمه، فالقول كما مضى؛ فإن اللبن المحرمَ لا يتقوّم. ومن أصحابنا من حكم بحل لبنها تفريعاً على الطهارة، حكاه العراقيون عن الإصطخري.

وهذا عندي لا يلتحق بالمذهب، وهو من هفوات بعض الأئمة، فنقول: إن لم يُبح اللبن، فالنظر في الخيار. وإن فرعنا على الوجه الضعيف وأبحناه، فالقول في تصرية الأتان كالقول في تصرية الجارية. وسنذكر أن لبن الجارية هل يقابل بشيء في الفصل الثاني من الباب.

فرع:

٣١٢٠ - إذا تحفَّل اللبنُ بنفسه من غير قصدٍ من مُحفل، ثم جرى الظن والإخلافُ كما ذكرناه، ففي ثبوت الخيار وجهان. كان يذكرهما شيخي في الخلاف، وذكرهما غيره.

وعندي أن الخلافَ في ذلك يشير إلى تردد الأصحاب في مأخذ الخيار في الباب، وينقدح للخيار مأخذان: أحدهما -[تَنْزيلُ] (١) فعلِ الملبِّس منزلةَ قوله؛ فإنه بشرطه يُطمع المشتري في مقصودٍ، وقولُه بين الخُلْف والصدق. كذلك الفعل يُنَزَّلُ هذه المنزلةَ.

ومن أصحابنا من يبني الخيار في الباب على قاعدةِ خيارِ العيب، ويزعم أن من اشترى عبداً مطلقاًً، ولم يقع التعرضُ لشرط السلامة، فسبب الخيار إشعارُ ظاهرِ الحال بالسلامة، فإن بان ما يخالف الظاهر، ترتب عليه خيارُ الرد. وهذا يتحقق في المحفَّلة، فإن ظاهرَ الأمر يُشعر بغَزَر (٢) اللبن.

فإن أخذنا الخيار من تشبيه فعل الملبِّس بقوله، فلا خيار في التي تحفَّلت بنفسها، من غيرِ قصد. وإن أخذنا الخيار من تنزيل العقد على الظاهر، فهذا يقتضي ثبوتَ الخيار في التي تحفلت من غير تحفيل (٣).


(١) فِي الأصل: ينزل.
(٢) غزَر: غزارة. وهذا معهود في أسلوب إمام الحرمين، فيستعمل صَدَر مكان صدور، وحَدَث مكان حدوث.
(٣) في (هـ ٢): محفل.