للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا كان هذا قولَنا في الزيادات المنفصلةِ، فالزيادات المتصلةُ كالمنفصلة في أنها لا تمنع الردَّ، ولكن تتبع المردودَ لا محالةَ، ولا سبيل إلى تخليفها على المشتري، وليس للزياداتِ المُتَّصلة أثرٌ ووقْعٌ إلا في الصداقِ وما يدنو منه، وسأذكر فيها قولاً جامعاً، إن شاء الله عز وجل.

وإذا اشترى رجلٌ عبداً، أو جاريةً واستخدمهما، ثم اطلع على عيبٍ بهما، فله الردُّ. وانتفاعُه السابقُ قبلَ اطلاعه، لا أثر له، وهو بمثابة [استبدادِهِ] (١) بالغلات المستفادة.

ومعتمد الباب ما رواه الشافعي بإسناده عن عروةَ عن عائشةَ عن النبي عليه السلام " أنه قضى بأن الخراج بالضمان " (٢) ومعنى هذا اللفظ أن ما يخرج من المبيع من فائدةٍ، فهو للمشتري على مقابلة كون المبيع في ضمانهِ، مدة [الاستغلالِ] (٣) والزوائدِ، فكأن الشارعَ جعل الزوائد في معارضة خطرِ الضمان، عند تقدير التلف.

هذا معنى الحديث.

ومفهومُه يشير إلى أن الزوائد للبائع إذا تجدَّدت في يد البائع؛ فإن البائعَ في عُهدة الضمان، وقد ذهب إلى هذا أبو حنيفه (٤)، ومذهبُ الشافعي ما قدمناه.

هذا في الزوائدِ الطارئةِ على ملكِ المشتري، فأما إذا ابتاعَ جاريةً حاملاً، فالقولُ فيه، وفيما لو اشترى شجرة لم تؤبَّر، سيأتي في فصلِ مفردٍ، إن شاء اللهُ تعالى.

وإن اشترى شجرةً، فكثرت أغصانها، فهي ملحقةٌ بالزيادات المتصلة، وليست كالثمار، ولو اشترى شجرةَ فِرْصَادِ (٥)، فأورقت في يد المشتري، ثم اطلع على


(١) في النسخ الثلاث: استبداله. والمثبت تقدير منا رعاية للسياق وبمساعدة مختصر العز بن عبد السلام.
(٢) حديث الخراج بالضمان، رواه مع الشافعي، الطيالسي: ٦/ ٢٠٦ ح ١٤٦٤، والحاكم: ٢/ ١٥، والترمذي: البيوع، باب ما جاء فيمن يشتري العبد ويستغله ... ح ١٢٨٥.
(٣) في الأصل: الاشتغال.
(٤) ر. بدائع الصنائع: ٥/ ٢٣٨، فتح القدير: ٦/ ٢٩٦.
(٥) الفِرصاد: شجرة التوت، وضرب المثل بها لأن أوراقها تعنى لذاتها، فهي ثمرتها في الحقيقة، لأنها تتخذ غذاء لدود القز.