للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بدليل أنا نجعل افتراعَ المشتري مع اطّلاعه على عيبٍ قديمٍ في التفصيل بمثابة عيب حادثٍ ينضم إلى الاطلاع على العيب القديم.

ثم لو اشترى رجل جارية فكانت ثيباً مفترَعةً، لم نجعل الثيابةَ عيباً مثبتاً للرد في مطلق العقد، والسبب فيه أن البكارة ليست صفةً غالبةً في العادة، والجواري منقسمات إلى الثيبات والأبكار، والثُيَّب أكثر، فلا يرتبط الظن بالبكارة، نظراً إلى غالب الحال، حَسَب ارتباط الظن بالسلامة من العيوب، فإزالة البكارة تنقيصٌ، وليست البكارة مستحقَةً بمطلق العقدِ.

ثم ما ذكرنا من أن نقصان العين على المعتاد في الجنس عيبٌ جارٍ، ولكنهُ مشروط بأن يفوت بفوات ذلك [النقص] (١) غرضٌ ماليٌ، أو غيرُ مالي. فلو اشترى الرجل عبداً، ثم تبين له أنهُ قد قُطعت فلقة من لحمةِ ساقه، ولم يكن لذلك أثرٌ في غرض ولا ماليّةٍ، فهذا ليس بعيب.

وقد ذكرت لصاحب التقريب تفصيلاً في الشاة إذا وجد مشتريها على أذنها قطعاً. قال: إن كان لا يمنعُ من الإجزاء في الضحايا، فليس بعيب. وإن كان مانعاً، فهو عيب.

والخصاءُ الذي ذكرناه في المملوك إن لم يؤثر في المالية، فهو مؤثر في أغراضٍ ظاهرةٍ.

ثم ألحق أئمتنا بما مهدناه صوراً، فيها خلافٌ مع بعض العلماء، فالعبد الزنّاءُ معيبٌ، مردود كالجارية إذا كانت مساحقةً، خلافاً لأبي حنيفة (٢)، فإنه لم يجعل اعتياد الزنا من العبد عيباً. والبَخَر (٣) والبول في الفراش عيبان في الجنسين، وأبو حنيفة (٤) جعلهما عيباً في الإماء. وإن تحققت العُنَّة في المملوك، ففيها نظر عندنا. والظاهر أنها عيبٌ.


(١) في الأصل: العين، (هـ ٢)، (ص): المعين. والمثبت تقدير منا على ضوء السياق، وعبارة العز بن عبد السلام، في مختصره.
(٢) ر. مختصر اختلاف العلماء: ٣/ ١٥٦ مسألة ١٢٣٠، بدائع الصنائع: ٥/ ٢٧٤، فتح القدير: ٦/ ٧, الاختيار: ٢/ ١٩.
(٣) البَخر: من بخِر الفم بخراً: باب تعب أنتنت ريحه، فالذكر أبخر، والأنثى بخراء (مصباح).
(٤) ر. الاختيار: ٢/ ١٩.