للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والوجه الثاني - أنه يحل أخذُ الأرش؛ فإن للأرش مدخلاً في الباب، بدليل الرجوع إليه عند تعذّرُ الرد. ثم الحق لا يعدو الرادَّ والمردود عليه، فإذا تراضيا على بذل مالٍ، بعُدَ امتناعُه.

التفريع على الوجهين:

٣١٤٤ - إن قلنا: يحل أخذ الأرشِ، فلا كلام. وإن قلنا: لا يحلّ؛ فلو أخذه على ظن الجواز والحلِّ، ثم تبين الأمرُ، واستردّ منه ما أخذ، فهل يعود إلى استحقاق الرد، فعلى وجهين ذكرهما العراقيون: أحدُهما - أنه لا يعود إلى الرد؛ فإنه أسقطه فسقط. والثاني - يعود إليه؛ فإنه لم يُسقط حقهُ [مطلقاًً] (١) بل ربطه باستحقاق العِوض، وعلَّقَه (٢) به، فإذا لم يسلم له العوض، لم يتحقق سببُ إسقاط الحق.

وذكروا هذين الوجهين في الشفيع، إذا اعتاض عن الشفعة ظاناً أن ذلك حلال، ثم استرد منه العوض، فهل يكون على حقّه من الشفعة؟ فيه الخلاف الذي ذكرناه.

فإن قيل: أليس الخلعُ بالعوض الفاسد يوجب البينونة، والصلح عن الدم على العوض الفاسد يوجب سقوط القصاص؟ قُلنا: السببُ فيه أنه إن لم يثبت ما سماه، ثبتَ عوضٌ شرعي، وليس ذلك مناظراً لما نحن فيه. ونظير ما نحن فيه ما لو خالع الرجل امرأتَه المبذّرةَ، على مالٍ، فالمال لا يثبت، ولا يقعُ الطلاق رجعيّاً.

٣١٤٥ - وقد حان الآن أن نذكر الموانع من الردّ بالعيب.

فنقول: قد يمتنع إمكانُ الرد بسبب عدم العين أو عدم الملكِ فيه، وقد يمتنع بسببٍ مع استمرار الملك على الجُملة في العين.

فأمّا إذا فُقد المبيعُ وهلكَ، أو زالت الماليَّة فيه، بأن أعتق المشتري العبدَ، فإذا فَرضنا هلاكاً، أو زوال ملكٍ، ثم اطلع المشتري على العيب القديم، فالردُّ غيرُ ممكن، ولا خلافَ أنه لو أراد أن يقيم قيمةَ الفائت مقامه ليردّها ويستردَّ الثمن، لم يجد إلى ذلك سبيلاً.


(١) ساقطة من الأصل.
(٢) في (ص): وعكفه منه.