للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المحاربة، والقطعِ في السرقة، فقد تمهد القول في هذه الفنون.

ومقصودُ هذا الفصلِ محصورٌ فيه إذا جَنى العبدُ على آدميٍّ مضمونٍ خطأً أو عمداً.

والبدايةُ بالخطأ ومَوجَبُه المال، ثم الأرشُ يتعلق برقبةِ العبد، كما سنبين في كتاب الديات. فإذا تعلق أرشُ الجناية الواقعةِ خطأً برقبة العبدِ، أوْ أوجبت الجنايةُ قَوَداً، فعفا مستحِقُّهُ على مالٍ، فمتعلَّقُه الرقبةُ، فلو باع سيد العبدِ العبدَ الجاني قبل أن يفديَه، ففي صحة البيع قولان: أحدهما - أنه لا يصح، كبيع العبدِ المرهون، والمالُ متعلِّق بالرقبةِ في الموضعين. وإذا جنى المرهونُ، تقدَّم المجني عليه بحق الأرشِ على المرتهنِ، فإذا منَعَ حقُّ المرتهن البيعَ، وجب أن يمنعَ حقُّ المجني عليه أيضاًً.

ومن قال بصحة بيع العبد الجاني، احتج بأن تعلّق الأرش لم يصدر عن اختيارِ السيّد، وإليه الفِدَاء، فلْينفُذ بيعهُ، وليكن اختياراً للفدَاء. والرهنُ وثيقة أنشأهَا المالك، وقصد بها الحجر على نفسهِ إلى أداء الدينِ؛ فكان مطالباً بموجَب اختياره.

التفريع على القولين:

٣١٨٦ - إن قلنا: البيعُ فاسدُ، فلا يصير السيدُ ملتزماً للفداءِ به، ولا يطالَب، بل هو على خِيرتهِ، فإن أحب. فدى، وإن أحب سلَّم العبدَ (١) للبيع.

وإن قلنا: البيعُ صحيحٌ، فقد اختلف أصحابُنا في التفريع على هذا القول: فمنهم من قال: البائعُ يلتزم الفداءَ، ويتوجَّه علَيه الطلبُ من جهة المجني عليه، وعليه الخروجُ عنه باطِناً وظاهراً، فعلى هذا عبّر الأصحابُ عن البيعِ باللزوم.

ومن أصحابنا من قالَ: لا يصيرُ السيدُ بالبيع ملتزماً للفداء، ولا يتوجَّه عليه الطَّلِبَةُ، بخلاف ما لو أعتقَ العبدَ ونفذنا إعتاقه؛ فإن (٢) الطلبة بالفداء تحق عليه.

وهؤلاء يقولون: البيعُ الذي عَقَدَه على الجواز، فإن فدى، فقد وفَّى بحق العقد، فيلزمُ إذْ ذاك. وإن لم يَفْدِ، [انفسخ] (٣) البيعُ، وبِيعَ العبدُ.


(١) أي ليباع في جنايته.
(٢) في (ص): فلا نطلبه بالفداء بحقٍ عليه.
(٣) الأصل، (هـ ٢): يفسخ.