ثم إذا أعتق، أو باع، وجعلنا البيعَ لازماً، فالوجه القَطع بأنه يغرَم أقلَّ الأمرين من الأرش والقيمة، بخلاف ما إذا أراد الفداء على الابتداء.
وإذا قُلنا: البيعُ غيرُ لازم، فالأمرُ موقوفٌ على الفداء [وفي الفداء](١) قولان سيأتي شرحُهما إن شاء اللهُ عز وجل.
٣١٨٧ - وكل ما ذكرناه فيه إذا كانت الجنايةُ خطأً، فإن كانت عمداً موجبة للقصاص، فإن لأصحابنا طرقاً.
منهم من قال: إذا قلنا: موجَبُ العمدِ القَودُ، فيجوز البيعُ قولاً واحداً. وإذا قلنا: موجَبُه أحدُهما، ففي صحَّة العقد طريقان: أحدُهما- القطعُ بالصحَّة؛ نظراً إلى ثبوتِ القصاص. والشاهد فيه أن القتل على هذا القول لا يثبت إلا بعدلين، كما لا يثبت على قَولنا: موجَبُه القود إلا بعدلين.
ومن أصحابنا من خرَّج جواز البيع على قولين، لثبوت المال على هذا القول، فكان كالجناية التي مُوجَبُها المالُ. وقد ذكرنا في الجاني خطأ قولين.
وشبَّب بعضُ أصحابنا بتخريج القولين على قولنا: موجَبُ العمد القَود؛ وذلك أن الماليّةَ ثابتةٌ ضمناً، ولهذا قُلنا: مستحِق القصاص يرجع إلى المال دونَ رضا من عليه القصاص، ويثبتُ المالُ بفوات مَحلِّ القصاص.
وبَعْدُ
٣١٨٨ - الترتيب الجامع للطُّرق أن يقال: في الجاني خطأ قولان، وفي الجاني عمداً على قولنا: الموجَب أحدُهما، لا بعينهِ قولان مرتبان، فالأولى الجواز؛ لأن المال غيرُ متجرِّد، ولا متعيَّن. وإن قُلنا: موجَب العمد القودُ المحضُ، ففي البيع قولان مرتبان على الصورة المتقدِّمة.
والغرضُ مما ذكرناه تبيين المراتب، وإلا فلا ينتظم بناءُ القولين في التفريع على قولٍ، على قولين في التفريع على القول الآخر.