للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انتهى الأمرُ إلى تصحيح مُعامَلته سيدَه. والعبدُ المملَّك لا يعامل سيّدَه المملِّك، حتى لو ابتاع سيدُه منه شيئاً مما كان ملّكه، فالذي جرى ليس بابتياعٍ، ولكنّهُ رجوعٌ فيما استردَّهُ.

وهل يكون ما جرى تمليكاً فيما بذله عوضاً (١)، فعلى وجهين: أصحهما - أنه لا يكون تمليكاً؛ فإنه ذكر جهةً فاسدةً. والثاني - أنه تمليك على صيغةٍ (٢). وهذا غيرُ سديدٍ.

ولو باعَ العبدَ مُطلقاً، فقد ذكرنا أنه لا يدخل شيء مما كان ملّكَه عبدَه في ملك المشتري، ولا يبقى شيءٌ في ملك العبد.

٣١٩٣ - واختلف أصحابُنا في الثياب التي تكون على العبدِ والأمةِ حالةَ العقد، فالذي ذهب إليه القيّاسون أنه لا يدخل سلكُ (٣) منها في العقدِ، وهي بجملتها ملك البائع، إلا أن تُشترطَ في العَقد.

ومن أصحابنا من أدخلَ الثيابَ في العقد للعُرف الغالب، حتى كأن اللفظَ [مشعرٌ] (٤) به.

وهذا الخلاف يقرب من تردّدٍ ذكرناه في دخولِ جمَّةِ ماءِ البئر في البيع المشتمل على تسمية الدار.

ثم الذين حكموا بدخول الثياب في العقد اضطربوا: فذهب ذاهبون إلى أن الداخل ما سترَ العورةَ، وذهب آخرون إلى أنه يدخل جميع [ما العبدُ والأمةُ لابسُه] (٥) حالةَ العقد. هذا إذا لم يسمّ في العقدِ إلا العبدُ، فأما إذا سُمّي مع العبد


(١) أي لو اشترى السيد من عبده ما ملّكه إياه، فهل يكون الثمن الذي بذله عوضاً تمليكاً جديداً لهذا العوض؟.
(٢) في (هـ ٢): صفة.
(٣) سلكٌ: خيطٌ، وهو هنا كناية عن منتهى القلّة، ومبالغة في نفي دخول أي شيء من الثياب في البيع.
(٤) في الأصل: مشعراً. (حيث اشتبه عليه "كأن" بـ "كان").
(٥) في الأصل: مال العبد والأمة لأنه.