للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأشهرُ طريقة الأقوال. والأليقُ بكلام الشافعي القطعُ [بما] (١) ذكرناه.

٣٢٠١ - ثم إنا نُلحقُ بما تقدم شيئين: أحدُهما - أنا علَّلنا القَولَ بفساد الشرط بشيئين: أحدُهما - أن البراءة تغييرُ وضعِ الشرع. والثاني (٢) - أنها تقتضي جهالةً.

٣٢٠٢ - ثم الأصحاب فرضوا صورةً على هذا القول، وذكروا فيها اختلافاً مخرّجاً على المعنيين: وهي أنه لو شرط البراءةَ عن عيوبٍ معدودةٍ، وأعلم بالوصف أصنافَها، فإن علَّلنا شرطَ البراءةِ بتغييرِ مقتضى العقدِ، فالشرط فاسدٌ مع الإعلام، وإن علَّلنا فسادَ الشرط بالجهالة، فلا جهالةَ في الصورة التي ذكَرناها، فليصح الشرطُ.

وليس المعني بالإعلام أن يطّلع المشتري على العيوب، أو يرى من نفسه العلمَ بها، وإنما المراد البراءةُ من صفاتٍ لا يقطع الشارط بكونها، وإنما تقدَّرُ البراءة لو كانت، ولو حصل الاطلاع على العيب، فلا حاجة إلى شرطِ البراءة، فإن الخيار لا يثبت مع الاطلاع، وإن لم تجر البراءةُ.

ومن الاطلاع أن يقول البائع: هذه العيوب به فأبرئني منها، فاعتراف البائع بها بمثابة معاينةِ المشتري العيوبَ؛ فإن العقد مستند إلى قولِ العاقد، وعليه التعويلُ في الملكِ، وإن كان المشتَرى لحماً، فالاعتماد على قول البائع في كونهِ لحمَ ذكيّة.

فهذا أحد الأمرين.

والثاني - أن الأئمة في قول التفصيل قالوا: لا تصح البراءةُ عمَّا عَلِمه البائع وكتمه، وتصح البراءةُ عما لم يعلمه، وألحق أربابُ التحقيق بهذه العيوبَ الظاهرةَ والباطنةَ، فقالوا: البراءةُ في العيوب الظاهرة باطلة وإن لم يكن البائع مطلعاً عليها، وجَعلوا التمكنَ من الاطلاع مع ترك البحث بمثابة الاطلاع على الخفيّات مع الكتمانِ، وقال هؤلاء في الترتيب: البراءةُ عن العيوب الباطنة منقسمةٌ، فما علمه البائع، لم تصح البراءة عنه، وما جهِله، فتصح البراءةُ عنه.

ومن أصحابنا من قال: لا ننظر إلى الظاهر والباطن، وإنما ننظر إلى العلمِ مع


(١) في الأصل: كما.
(٢) في (هـ ٢)، (ص): والآخر.