للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وسبيل الجواب أن العقدَ عقد على ظن العلم بالثمن، فاكتفَى الانعقاد بذلك، فإذا أُخلف، فطريقُ الاستدراك بالخيار، لا الحكمُ بالفساد. وهذا يناظر قولَنا: لا يزوجُ السيد أمتَه من مجبوب على علمٍ، ولو فعل، لم يصحّ. ولو زوّجها على ظن (١) السلامة، انعقد العقدُ. وتخيَّرت الأمةُ.

٣٢١٧ - هذا منتهى النظرِ في ذلك التفريعِ على قولَي الحط، إن قلنا: لا يُحطّ عن المشتري شيء، فله الخيارُ؛ من جهة أنه خاض في العقد على شرط أنه ينزل على عوض العقد المتقدّم، فإذا لم يتفق ذلك، تخيَّر.

وإن قُلنا: يُحط الزيادةُ عنه، ففي ثبوت الخيار للمشتري مع انحطاطِ الزيادة قولان: أحدُهما - لا خيار له؛ فإن مقصوده قد حصل. والقول الثاني - له الخيار، وهو موجَّهٌ في ترتيب المذهب بمعنيين: أحدهما - أنه إذا خانه مرةً، لم نثق به، ولم نأمن أنه خانه في مقدارٍ آخر. وإن الثمن كان ثمنين، أو أقلَّ، فهذا وجه.

والوجه الثاني [أنه] (٢) قد يُفرَضُ للمشتري غرضٌ في الابتياع بالمائة في تنفيذِ وصيَّة، أو وفاءٍ بنذر، أو تحلّةِ قسَمٍ. هذا إذا حكمنا بالانحطاط شرعاً. وإن قلنا: لا انحطاطَ والعقدُ ثابتٌ بالمائة، فقد ذكرنا أن المشتري يتخيّر؛ لمكان التلبيس. فلو قال البائع: لا تفسخ؛ فإني أحط عنك الزيادةَ، فإذا حطها هل يتخيّر المشتري؟ فعلَى وجهين.

وهذه الصورةُ في مقتضى الخيار أيضاًً تُضاهي التفريعَ على قولنا: إن الزيادة تنحط، غير أن الصورة الأخيرةَ أولى بالخيار؛ من جهة أن الخيارَ ثبت لصفةِ العقدِ؛ فإنه انعقد على التلبيس. فإذا أراد البائعُ الحطَّ، فهذا إبراءٌ، والعقد في وضعهِ انعقد على موجَب التلبيس. وإذا حكمنا بالانحطاطِ، فالعقد، لم ينعقد على موجَب التلبيس، ولكن بان كذب البائع.

وقد ذكر صاحب التقريب قولاً ثالثاً مخرَّجاً في خيار المشتري، وذلك أنه قال: من


(١) في (ص): شرط.
(٢) ساقطة من الأصل.