للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن صور القولين السلمُ في أجناسٍ إلى أجل واحد بعوض واحد، والسلم في جنس واحد إلى آجال. ووجهُ إلحاق هاتين الصورتين بصُوَر القولين أن الأجناس تختلف وجوداً وعدماً، ويختلف الحكم بحسب ذلك في بقاء العقد وانفساخه، فجرى القولان فيهما.

ومن أصحابنا من لم يُلحق هاتين الصورتين بصور القولين، وقطع القول فيهما بالصحة؛ لاتحاد العقد في حكمه وخفاءِ أثر الاختلاف، والأظهر (١) الطريقةُ الأولى.

ولو قال بعتك صاعاً من حنطةٍ ودرهماً بصاعٍ من شعيرٍ ودينارٍ، فهذا يلتحق بصور القولين لاشتمال الصفقة على التفاوت في شرط التقابض.

فإن قيل: كيف يختلف مضمون العقد فيما ذكرتم من التقابض والطعام بالطعام يُشترط فيهِ التقابض، وكذلك النقد بالنقد، ومضمون الصفقة من الجانبين طعامٌ ونقد؟ قلنا: وجه الاختلافِ أنّ الدرهم يقعُ في مقابلة شيءٍ من الطعام في الجانب الثاني، وكذلك الدينار يقع شيء منه في مقابلة شيءٍ من الطعام في الجانب الثاني، والتقابض ليس مشروطاً في بيع الطعام بالنقد؛ فمن هذا الوجه اختلف مضمونُ الصفقة في التقابض.

ولو باع ثوباً وديناراً بثوبٍ ودراهم، فالتحاقُ ذلك بصُور القولين بيّن. وإنما خُصَّ مسألةُ الطعام والنقد بالذكرِ للدقيقة التي نبهنا عليها.

فإن قيل: إذا اشتملت الصفقة على شقصٍ وسيفٍ، فحكم الصفقة مختلف؛ فإن الشفعة تتعلق بالشقص دون السيف، وهذا تباين بيّن في مورد العقدِ. قلنا: الصفقة صحيحة قولاً واحداً؛ فإن مقصود العقد في الشقص والسيف لا يختلف فيما يتعلق بالفسخ والتنفيذ، وصورة القولين تُتلقَّى من اختلافٍ يتعلق بالفسخ والإجازة، بسبب أنه، إذا قُدّر سبْقُ الفسخ إلى شيء، اعتاضَ ما يبقى في مقابلة الباقي، ورجع هذا الإشكال إلى وضع العقد. والشفيعُ إذا أخذ الشقص، فهو مقرر للعقد، وإن كان ينشأ بينه وبين المشتري توزيعٌ، فهذا لا ينعطف إلى العقد فسخاٌ في البعض وإبقاء في


(١) في (هـ ٢)، (ص): والأشهر.