للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا فيه فضلُ نظر؛ فإن الدَّيْن وإن لم يكن عوضاً (١) عن الرهن، فرهن الشيء بالدَّينِ المجهول لا يصحّ على الأصح، كما سيأتي في كتاب الرهون. نعَم ما ذكرناه جارٍ في الهبَةِ، بل الهبَةُ تَقبلُ وجوهاً لا يقبلها البيع، كما سيأتي، إن شاء الله.

٣٢٣٦ - فينبغي أن نتخيل مراتب: أَوْلاها بالفسادِ الجمعُ بين عبدين في البيع، وحيث تمس الحاجةُ في التوزيع إلى التقويم لتبيين العوض. ويلي ذلك [في] (٢) الترتيب الظاهر الجمعُ بين عبدين أحدهما مغصوب في الرهن، والفرق ما نبهنا عليهِ من خروج الديْنِ عن كونه عوضاً. ويلي الرهنَ بيعُ العبد المشترك، وبيع الحنطَةِ المشتركة المتساوية الأجزاء في الصفات. ويلي هذه الصورةَ الهبةُ؛ من حيث إنها قد تقبلُ ما لا يقبله أصلُ البيع.

ومما يدنو من هذه المرتبة نكاحُ المسلمةِ والمجوسيّة في عقدة (٣) واحدة، فإذا وقع القطع بفساد نكاح المجوسية، ففي نكاح المسلمةِ قولان: أصَحُّهما - الصِّحةُ. والقول الثاني - أن النكاح يفسد في المسلمة. ورتّب الأئمة هذا على القولين في بيع العبد المملوك والمغصوب، وسلكوا السبيل المقدَّم في البناء على المعنيين بعد الترتيب.

فإن قلنا: علةُ الفساد في بيع العبدين جهالةُ العوض، فهذا لا يضر في النكاحِ، فيجب القضاءُ بالصحة. وإن قلنا: علةُ الفساد الاتحادُ وتطرّقُ الفسادِ، فهذا قد يُعتَقَد في النكاح أيضاًً.

والذي أراه أن النكاح أولى بالصحة من جميع ما وقع في هذه المرتبة، والسببُ فيه أن الصورةَ التي ذكرناها في الهبَةِ والرهنِ والبيعِ في المشترك يفسدُ العقدُ فيها بالشرائطِ المفسدةِ، والنكاح لا يُفسده الشرطُ الفاسد إذا لم يتضمن الاعتراضَ على مقصوده، فانضمام المجوسية إلى المسلمة ينبغي ألا يزيد تأثيره على شرط نكاح المجوسيَّةِ في نكاحِ المسلمة. ولو جرى ذلك، لم يفسد النكاح.


(١) ساقطة من (هـ ٢)، (ص).
(٢) في الأصل: مع.
(٣) في (ص): عقد واحد.