للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن رجلاً لو اعترفَ بألف لإنسان عن جهةِ ضمان، وأنكر المقَرُّ لهُ الضمانَ، وادَّعى عليه ألفاً عن جهةٍ أخرى أنكرها (١) المقِر، ففي وجوب الألف على المقر خلافٌ مشهورٌ.

ولو اعترف رجل بالملكِ في عَينٍ لإنسانِ عن جهةِ، فأنكر المقَرّ له تلكَ الجهة، وادَّعى الملكَ بجهةٍ أخرى، فلا خلاف في وجوب تسليم العين إلى المقرّ له.

فهذا مضطرب للفريقين. والمسألةُ محتملةٌ، ويظهر فائدةُ ما ذكرناه في الفسخ.

فإن اعتقدنا الألف في حكم العين المتَّحدة، فإذا جرى التحالف، فسخنا العقدَ، وقد نقول ينفذ الفسخُ باطناً، كما سيأتي شرحه، إن شاء اللهُ. فيثبت ما بينهما. وإن لم نر هذا تَحالُفاً في مقصود الباب، فتُفصلُ الخصومتان بطريق فَصلِهما، ولا فسخ ولا انفساخَ، والمبطل منهما في علم الله مطالبٌ بما عليهِ، طرداً لقياس الخصومات.

٣٢٥٥ - وممَّا يتعلق بصفة الاختلافِ أن الزوائد التي تثبت بالشرط (٢) إذا فرض النزاع فيها، فالحكمُ التحالف عندنا، مثل أن يدعي البائع شرطَ الرَّهن أو الكفيل، أو شرط البراءة إذا رأينا صحتَه، أو يدعي المشتري شرطَ الأجل في الثمن، أو شرطَ الكتابة وغيرِها في العبد المشترى، فإذا جرى الدعوى والإنكار، فحكم الحال التحالف عندنا، ثم الفسخُ أو الانفساخ بمثابةِ الاختلاف في الثمن والمثمن.

وأبو حنيفة (٣) لا يثبت التحالف إلا عند فرضِ الاختلاف في الثمن أو المثمن. فإذا صار إلى أن الأصل عدمُ الشرائط المدّعاة، فليكن القولُ قولَ نافيها مع يمينهِ. قلنا: لا ننكر أن هذا قياس جَليٌّ في وضعه، ولكن هذه الشرائط بمثابة مزيد الثمن إذا ادّعاه البائع على المشتري؛ فإن الأصل عدمُ التزامه وبَراءةُ ذمّةِ المشتري عنه، ثم جرى التحالفُ فيه مع قيام السلعة وفاقاً. فإن كان التعويل على الخبر، فذكر الاختلاف في الخبر مطلقٌ لا تعرض فيه للثمن والمثمن. وإن كنا نتكلف تقريب القول من جهةِ


(١) في (هـ ٢)، (ص): وأنكر.
(٢) في (هـ ٢)، (ص): بالشروط.
(٣) ر. مختصر الطحاوي: ٨٢، تبيين الحقائق: ٤/ ٣٠٦.