للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الآخر

في كيفية التحالف

٣٢٦٠ - والذي نرى تقديمَه أن تحالفَ المتعاقدَيْن لا يهتدي إليه القياسُ الجلي على الاستقلال في بعض الصور، وقد يجري بعضَ الجريان في بعضِها.

فإن كان المبيع متفقاً عليه، ومقدار الثمن متنازعاً فيه، فقد يظهر أن ملك المبيع لا نزاع فيه، وكذلك المُتَّفقُ من قدر الثمن، والزائد على ذلك يدّعيه البائع وينفيه المشتري، والأصل براءةُ ذمّته عنه. هذا وجه.

ومعتمد (١) الباب إما الخبر على ما قررناه في الخلافِ، وإما مصلحة ناجزة حاقَّة خصيصَةٌ بالباب، هي أولى بالاعتبارِ من الأمر الكلِّي، وهي أن المتعاقدَيْن يعم اختلافُهما، وكل واحدٍ منهما جالبٌ باذلٌ، فلو خصَصنا بالتصديق أحدهما، جرَّ ذلك عُسراً عظيماً، فرعاية مصلحة العقد أولى من النظر إلى عموم القول في براءة الذمَّة.

فإن فرضت بيّنة، فهي متبعة، وإن تعارضت بيّنتان، لم يخفَ حكمُ التَّهاتر (٢) والاستعمال. وإن لم تكن بيّنةٌ، فلا وجه إلا التسوية بين المتعاقدَيْن فيما يعم وقوعه.

فهذا أصل الباب.

٣٢٦١ - ثم الكلام يتعلق بأمرين: أحدهما - فيمن يُبدأ به من المتعاقدين، والآخرُ في عدد اليمين وصيغتِها.

فأما الكلام في البداية، فظاهر نصوص الشافعي أن البدايةَ بالبائع، ومن ينزل منزلتَه في العقود، ونص في البيع نفسِه أن البداية بالبائع. وقالَ في السلم: البدايةُ بالمسلم إليه. وهو في مقام البائع.

ونص في الكتابة أن البداية بالسيِّد، وهو في التقدير في رتبة البائع.

ونصُّه في النكاح يخالف هذه النصوص؛ فإنه قال (٣): البدايةُ بالزوج. وهو في


(١) في (ص): وجه معتمد ....
(٢) التهاتُر: تساقط البينات وبطلانها. يقال: تهاترت البينات إذا تساقطت وبطلت (مصباح).
(٣) في الأصل: في البداية.