وهذه الطريقةُ تُباين طريقةَ شيخنا مباينةً ظاهرةً في قاعدة التفريع؛ فإن شيخنا كان يحكم بالتحالف إذا حلَفَا يميني النفي، وهؤلاء لم يحكموا بالتحالف بجريان يميني النفي، بل عرضوا يمينَ الإثبات على الجانبين، فلا تحالف عندهم، إلا بيمينين من كل جانبٍ: إحداهما - على النفي، والأخرى على الإثبات. ولكنهما لا يُجمَعانِ في دفعةٍ بشخصٍ، بل يعرَضانِ في دفعتين، فإذا تَمّ يمينا النفي، أعيد يميناً الإثبات.
هذا وإن كان فيه بعضُ البعدِ فلا يَبعُد احتماله على حالٍ.
٣٢٧١ - وأما إشكال هذا الفصل في (١) شيء: وهو أن هؤلاء يقولون: إذا حلفا يميني النفي، وحلف الأول يمينَ الإثبات، ونكل الثاني عن يمين الإثبات، فقُضي للحالف على الإثبات بمُوجَب إثباته.
وهذا مشكل، فإنَّ الذي حلف على الإثبات يمينه معارِضة يمينَ الأول على النفي على المضادّة المحققة، فالقضاءُ بيمين الإثبات مع جَريان يمينٍ على نفي هذا الإثبات مشكل. ووضعُ الخصومة على أنا إنما نحكم باليمين المثبتة للمدعي إذا نكل خصمُه عن يمين النفي.
ومثلُ هذا التفريع لا يجري في طريقة شيخنا؛ فإنه يجعل التحالفَ على النفي تاماً في اقتضاء الفسخ، أو الانفساخ، فلا يتفرع بعد التحالف على النفي عرضُ يمينِ الإثبات.
فإن قيل: قد ذكرتم الطريقتين، فما الذي يصح على السَّبرِ منهما؟ قُلنا: الأصح طريقةُ شيخنا؛ فإنه لما فزَعَ على اليمينين، ردَّ الأمرَ إلى قياس الخصومات، واكتفى في إثبات التحالف بالتناقضِ والتحالفِ في النفي، فاستدَّ التفريع جارياً على القياس.
ولا يتطرق إلى طريقته إلا شيءٌ واحدٌ، وهو أنهُ قال: إذا نكل البادىء، حلف الثاني يميناً واحدة. وهذا حسنٌ منقاس؛ فإن الثاني واقفٌ في مقام من يحلف يمين الرد.
ولكني كنتُ أحب أن يقول: يقتصر هذا الثاني على الإثبات، ولا يتعرضُ للنفي