للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو منكرٌ، فالقول قوله في نفيه. فإذا حلف كل واحد منهما على نفي العقدِ الذي ادُّعي عليه، انتفى العقدان، ولا حاجةَ إلى فسخٍ وقولٍ بانفساخ. هذا حكمُ الظاهر، والثابتُ باطناً ما هو صِدقٌ في علم الله من قوليهما.

ووراء ذلك نظر سيأتي في كتاب الأقارير، وهو أن صاحبَ اليدِ اعترفَ بأن الجارية كانت لصاحبه، وادَّعى انتقالَ الملك فيها إليه بطريق الهبةِ، فانتفت الهبَةُ في ظاهر الحكم بيمين منكرِها، وبقي إقرارُ منكرِ الهبة بالملكِ عن جهةِ البيع. وهذا أصل من أصول الأقارير سيأتي إن شاء اللهُ. والضبط فيه أن من أقرّ باستحقاقٍ، وعزاه إلى جهةٍ، فأنكر المقَرُّ له الجهةَ فهل يثبت له الملك في المقر به؟ وسيأتي هذا مفصلاً إن شاء اللهُ.

فصل

قال: " ولو لم يختلفا وقال كل واحدٍ منهما: لا أدفع حتى أقبض ... إلى آخره " (١).

٣٢٨٧ - إذا باع الرجلُ سلعة معينة [بثمن] (٢) في ذمّة المشتري، ثم تنازع البائعُ والمشتري في البداية بالتسليم. فقال البائع: لا أسلّم المبيعَ حتى يتوفّر عليّ الثمنُ، وقال المشتري: لا أسلِّمُ الثمنَ حتى تسلّم إليَّ المبيعَ، فمن الذي يجاب منهما إلى ما يطلبه؟

هذا غرضُ الفصلِ. والشافعي عبَّر عنه، فقال: " ولو لم يختلفا، وقال كل واحدٍ منهما ". ومعلوم أن تنازع البائع والمشترِي في البدايةِ بالتسليم اختلافٌ. فقولُ الشافعي: " ولو لم يختلفا " معناه: لم يختلفا الاختلافَ الذي تقدَّم في مقدار الثمن وجنسهِ، بل اتفقا على صفةِ العقد، وافتتحا نزاعاً في البدايةِ، وقد حكى الشافعي أقوالاً مختلفة عن العُلماء في الكبير، فحكى عن بعضهم أنهم يجبران معاً، وحكى عن


(١) ر. المختصر: ٢/ ٢٠٣.
(٢) ساقطة من الأصل.