للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأئمةُ ضمانها على القاعدةِ التي صدَّرنا الفصل بها، وهي أن العين تضمن ضمان الغصوب أم لا؟ فإن قضينا بأنها تضمن ضمان الغصوب، [فالزوائد مضمونة. وإن حكمنا بأنها لا تضمن ضمان الغصوب] (١)، فالضمان لا يتعداها إلى الزوائد.

وظاهر نص الشافعي يُشعرُ بإثبات ضمان الغصوب في الأيدي المضمَّنة. وذلك أنه قال: " لو غصب جارية، وتلفت في يده، ضمن أكثر ما كانت قيمته من يوم الغصب إلى يوم التلف ". ثم قال: " وكذلك البيع الفاسدُ ". فكان هذا العطف ظاهراً فيما ذكرناه.

فإن قيل: إذا لم توجبوا ضمانَ الأولاد، فلم أوجبتم قيمة الولد إذا انفصل حياً على الحرية؟ قلنا: سببه أن المغرور في تقدير الشرع منتسبٌ إلى تفويت الرق، وهذا يلتحق بباب ضمان القيم على المتلِفين، ولكنا لا نضمنه إذا انفصل ميتاً؛ لأنه لم يخرج وله تقدير قيمة، وليس مفوتَ روحه، بخلاف الجاني الذي تصير جنايتُه سبباً لتفويت الروح أو منعها في الانسلاك.

ومما أجراه الأصحاب في أدراج هذه الأحكام المرسلة أن الجاريةَ لو علقت بالمولود، وماتت في الطَّلْق، وجب ضمانُ قيمتها وإن ماتت بعد الرَّدِّ؛ لأنه المتسبّب إلى الحمل المفضِي إلى الطلق.

ولو وطىء حُرّةً زانياً، واستكرهها وعلقت بمولود، ثم ماتت في الطلق، ففي ضمان الدِّية قولان: أحدهما - أنه يجب قياساً على نظيره في الجارية. والثاني - لا يجب؛ فإن اليدَ لا تثبت على الحرة. وإنما اعتضد الضمان في الأمة باتصالِ اليد المضمنة بها في ابتداءِ السبب.

ثم إذا علقت الجاريةُ بمولودٍ حرٍّ، لم تصر أمَّ ولد في الحال؛ فإن الوطء لم يصادف ملكَ الواطىء. ولو ملك الواطىء الجاريةَ يوماً، فهل تصير عند الملكِ مستولدةً له؟ فعلى [قولين سيأتي] (٢) توجيههما في أمهات الأولاد، إن شاء الله تعالى.


(١) ساقط من الأصل.
(٢) زيادة من (هـ ٢)، (ص).