وذكر بعض المحققين من أصحابنا أنا إذا وقفنا بيعَ مال الغير على إجازته، فيقف الشراء أيضاً على إجازَةِ من قصده المشتري؛ فإن التوكيل يجري في شقي العقد. ومن قُصد بالشراء ممن يصح منه التوكيل في تلك الحالة، فلا فرقَ بين الشراء والبيع.
هذا فيه إذا اشترى في الذمّة شيئاً، فأما إذا اشترى شيئاً بمال غيره، فهو بيعُ مال الغير بغير إذنهِ، فلا نشكُّ أنه يُخرَّج على القولين.
وإن فرَّعنا على الجديد وأبطلنا بيعَ مال الغير، فمن اشترى شيئاً في الذمّةِ، وقصد به غيرَه، فلا شك في نفوذ العقد على الذي باشر الشراء.
وإن قال: اشتَريتُ هذا العبدَ لفلانٍ، والتفريع على الجديد، فلا شك أن الشراء لا يقف على إجازة ذلك المسمَّى. ولكن في نفوذه على هذا المشتري، وقد سمَّى غيرَه وجهان: أحدهما - أنه ينفذ عليه، وتلغو تسميتُه الغيرَ. والوجه الثاني - أنه يفسد العقد، ولا ينفذ على الذي تعاطى، ولا يقف على إجازة الذي سمى.
هذا الذي ذكرناه صنف واحد من الأصناف الثلاثة في الوقف.
والعراقيون لم يعرفوا القول القديم في هذا القسم، وقطعوا بالبطلان.
٣٣٣١ - فأما الصنف الثاني - فهو كبيع الرجل مالاً يحسبه لأبيه، ثم يَبين أن أباه قد مات وانتقل المال إليه ميراثاً، ففي صحة البيع ولزومِه قولان مشهوران نقلهما العراقيون، كما نقلهما المراوزةُ.
أما وجه قول التصحيح فلائح. وأما وجه قول الإفساد، فهو أن هذا العقدَ وإن كان منجَّزاً في صيغته فمحلّه التعليق، والتقدير فيه: إن مات أبي، فقد بعتك هذا العبدَ. وللشافعي في الجديد مرامزُ إلى القولين في هذا النوع.
٣٣٣٢ - والصنف الثالث - من الوقف يداني الصنف الأول في وضعه، ولكن يمتاز عنه بما نصفه.
فإذا غصب الرجل أموالاً وباعها، وتصرَّف في أثمانها، وأوردَ العقودَ على العقود، وعَسُرَ المستدرَكُ، ولو نفذ المالكُ تلك العقود، لسلمت له تلك الأثمان بأرباحها. ولو كلّف نفسه تتبعَ تلك العقودِ، لشق عليه التدارك، ففي جواز تنفيذها