للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من البائع العدول عنه. ويجوز أن يقال: يقبلُ قولُه؛ فإن اللفظ الصريح في الإشاعة الجزءُ المنسوبُ إلى الكل، كالنصف والربع، وما في معناهما.

ولو كانت العرصة مجهولة الدُّرعان، فقال: بعتك منها ذرَاعاً، فالبيع مردود.

وليس كما لو قال: بعتك صاعاً من هذه الصُّبرة، وكانت الصبرة مجهولة الصيعان؛ فإن البيع صحيح على ظاهر المذهب. والفرق أن الصُّبرةَ متساوية الأجزاء، بخلاف ذرعان الأرض؛ فإنها متفاوتة الأجزاء.

٣٣٣٥ - ولو وقف على طرفِ الأرض وقال: بعتك عشرةَ أذرع من موقف قدمي في جميع العرض (١) إلى حيث ينتهي في الطول. فهذا إعلامٌ. وقد اختلف أصحابنا في صحة البيع تعويلاً عليه: فذهب الأكثرون إلى الصحة، ووجهه بيّن. وقال قائلون: لا يصح البيع؛ فإنه لا يدرى منتهى القدر المبيع حتى يُذرعَ. وهذا ساقطٌ لا أصل له.

ولو وقف في وسط الأرض وقال: بعتك عشرةَ أذرع من موقفي في جميع العرض إلى حيث ينتهي في الطول، ولم يشر إلى الجهة التي يقع المبيع فيها، وكان موقفه محفوفاً بالأرضِ من قدامه، وورائه، فلا شك في فساد العقد.

ولو رسمَ في وسط الأرض مقداراً منها يحيط به خطوط هي أضلاع له. أَوْ رَسَم مقداراً على شكل التدوير، يحتوي عليه محيط الدائرة، وباعه، فإن كان قطرٌ منه ْيُتاخم الشارَع أو يتصل بملك المشتري، فالبيع صحيح.

وإن كان لا يتصل ذلك المقدار المعين بشارعٍ، ولا بملك المشتري نُظر: فإن قال: بعتك هذا المقدارَ بحقوقه، صح، وثبت للمشتري حقُّ الممرِّ. (٢ وإن أطلق البيعَ، ففي المسألة وجهان: أحدهما - أن مطلقَ البيع يقتضي حقَّ الممرّ في ٢) الذي لم يبعه. والثاني - لا يقتضي الإطلاقُ ذلك.

فإن حكمنا بأن الإطلاقَ يقتضي حقَّ الممر، فالبيع صحيح. وإن قلنا: لا يقتضيه، ففي البيع وجهان: أصحهما - البطلان؛ لأنه لا ينتفع ببقعةٍ لا ممرَّ لها.


(١) في (هـ ٢): العرصة.
(٢) سقط ما بين القوسين من (ت ٢).