٣٣٣٦ - إذا أشارَ الرجل إلى قطعةٍ من الأرض وقال: بعتك هذه القطعةَ على أن تكسيرها مائةُ ذراع، فخرجت القطعةُ مائةً وخمسين، أو نقصت فخرجت خمسين، فإذا أخلف المقدار المشروط بالزيادة أو بالنقصان، ففي صحة البيع في الصورتين قولان: أحدهما - أنه يصح تعويلاً على الإشارة، وخُلف الشرط في المقدار يقرب عند هذا القائل من خُلف الشرط في الصفة. ولو قال: بعتك هذا العبدَ على أنه تركي، فإذا هو من جنسٍ آخر، فالبيع صحيح.
والقول الثاني - أن البيع باطل، نظراً إلى لفظ العقد. ومقتضاه أن المبيع مائة، فإذا كان زائداً، لم يكن المقدارُ الزائد معنياً بالبيع، فكأن الصفقة اشتملت -من جهة أن
الإشارة احتوت على جميع الأرض واللفظُ اختص بالبعض- على مبيع وغير مبيع.
٣٣٣٧ - وهذه المسألة تلتفت إلى أصولٍ وتتردّد بين قواعدَ، ونحن ننبه عليها.
فمنها أن من أشار إلى شاة وقال: بعتك هذه البقرة، فاللفظ يتضمن جنساً مخالفاً للمشار إليه، والإشارة مغنيةٌ عن ذكر الجنس؛ فإنه لو قال: بعتك هذا كفى ذلك.
وقد ظهر خلاف الأصحاب في صحة البيع: فمن اعتمد على الإشارة، صحح.
ومن اعتمد العبارة أفسد.
ومن الأصول التي تستند هذه المسألة (١ إليه تفريق الصفقة، ولا يتحقق التحاقُ هذه المسألةِ ١) بقاعدة التفريق إلا بعد تمييزها عن الخُلف في الصفات المشروطة.
فإذا قال: بعتك هذا العبدَ على أنه كاتب، فالكتابة لا تجوز أن تعتقد مورداً للبيع.
والمقدار يجوز أن يفردَ بالبيع ويقدَّرَ مورداً له، كالعبدين أحدهما مملوك للبائع والثاني مغصوب. والصورة التي نحن فيها ممتازةٌ عن قاعدة التفريق؛ من جهة اشتمال الإشارة على استغراق القطعة المعيّنة بالبيع، وليس في صيغة البيع جمع بين موجود ومعدوم؛ فنشأ الخلافُ في صحة البيع من جهة التردد بين هذه الجهات.