للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغرض هذا الفصل أنه لو اشترى ذراعاً معيّناً من أحد طرفي الثوب على أن يقطعه ويَفْصله، فالأصل المرجوع إليه في ذلك أن القطعَ إن كان يُحدث نقصاً فيما يبقى للبائع يُحتَفل بمثله، فالذي ذكره الأصحاب بطلان البيع في هذه الصورة، ولم يُشبِّب أحد بالخلاف وإن رضي البائع بالتزام النقص. ثم ذكروا لذلك صوراً:

منها - أن يشتري نصفاً من فصل (١) على التعيين وشَرْطِ الفصلِ (٢). ومنها أن يشتريَ ذراعاً من ثوب نفيسٍ يَنقُصه التفصيل والقطع.

وإن كان القطع لا يَنْقُص نقصاً يعتبر مثله أو يؤثر، كالكرباس الصفيق، ففي صحة البيع وجهانِ: أحدهما - الصحة. والثاني - لا يصح؛ لأنه لا يخلو من تأثيرٍ، وتغييرٍ فيما ليس مبيعاً. وقيل: هذا اختيارُ صَاحب التلخيص.

وإذا باع جزءاً معيناً من خشبة على حكم التفصيل، فيختلف ذلك باختلافِ الصور. فإن كانت الخشبة تُعنى لطولها ولو قُطعت، ظهر نقصان القيمة، فهذا يلتحق بصور القطع بفساد البيع. وإن كانت لا تعنى لطولها ولا يظهر بسبب القطع نقصان قيمتها، فهذا يلتحق بصور الوجهين.

وفي القلب من القطع بفساد البيع في صورة التأثير البيّن شي. ولكن الممكن فيه، أنا لو صححنا العقد، وألزمنا البائع القطعَ، كان بعيداً؛ لأن هذا إلزامُ تنقيصٍ فيما ليس مبيعاً. وإن لم نُلزمه، فالحكم بصحة العقد -وليس على البائع الوفاءُ بالتسليم- محالٌ. فهذا تعليل الفساد على حسب الإمكان.

والصور التي لم أذكرها تخرّج على ما ذكرناها، وتنقسم انقسامها.


(١) كذا في الأصل، (ص)، (ت ٢) وبها أثر تصويب في (هـ ٢) جعلها غير مقروءة. وفي مختصر العز بن عبد السلام (الفضل). والمعنى واضح من السياق على أية حال. ولعلها كانت لفظة من ألفاظ تجار الثياب أو غيرها وفي مختصر العز بن عبد السلام: " نصل " بالنون.
(٢) أي يشتري نصفاً معيَّناً من ثوبٍ، ويشترط فَصْلَه.