العبد المسلم عيباً قديماً، فهل له ردُّه واسترداد العبد المسلم؟ فعلى وجهين: أحدهما - له ذلك؛ فإن الرد يَرِد على العقد، وارتداد العبد يترتب على انفساخ العقد، وله في رد الثوب غرضٌ سوى اختيار تملّك العبد، فلا يتجرد القصد إلى تملكه.
ومن الدليل على ذلك أن الفسوخ وإن تضمنت ترادّاً في العوضين، فإنها لا تنزل منزلة إنشاء العقود، بدليل أنه لا يترتب على الفسوخ حقُّ الشفعة، ولا يلحق الفسخ فسخٌ؛ إذ المقصود من الفسخ ردُّ الأمرِ إلى ما كان قبل العقد.
ومن أصحابنا من منع ذلك؛ فإنه يقتضي تملك العبد المسلم على سبيل الاختيار، وذلك ممتنعٌ.
هذا إذا أراد الكافر ردَّ عوض العبد المسلم.
فأما إذا وجد مشتري العبدِ المسلمِ به عيباً قديماً، فأراد ردّه، واسترداد الثمن، فقد قطع بعض المحققين بنفوذ الرد في هذا الطرف؛ من جهة أنه لا اختيارَ للكافر فيه، والعبد يرتد عليه من غير قصده.
وكان شيخي يطرد الخلافَ في الطرفين؛ فإنا كما نمنع الكافر من اختيار تملك عبد مسلم نمنع المسلم من اختيار تمليك كافرِ عبداً مسلماً؛ فليمتنع الرد على المسلم. ثم إذا امتنع الرد، فليكن رجوعه إلى أرش العيب القديم.
وما ذكرناه من الاختلاف في الرد في هذا الحكم يبتني على اختلافٍ في نظير ذلك: وهو أن من اشترى بعضاً ممن يعتق عليه، سرى عتقه إلى الباقي إذا كان موسراً. فلو فرض رد عوض واسترداد بعض من يعتق عليه في مقابلته، وهذا يفرض في المواريث بأن يرث الرجل عوض نصف أبيه، ويجد به عيباً، فإذا رده وارتد إليه نصف أبيه وعتق عليهِ، هل يسري العتق؟ فيه خلاف. وسيأتي مشروحاً في موضعه، إن شاء الله تعالى.
٣٣٥٣ - ومما نفرعه على قول منع الشراء أن الكافر لو وكَّل مسلماً حتى يشتري له عبداً مسلماً، أو توكل عن مسلم حتى يشتري له عبداً مسلماً. فكيف السبيل؟
أما إذا وكَّل مسلماً حتى يشتري عبداً مسلماً، فلا يقع الملك للموكِّل قطعاً عندنا؛