للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيحرم على الغير الخِطبة. ولو خطب إلى الأبِ ابنته، فسكت، ولم يجب، ولم يرد، فهل يحرم الخِطبة؟ فعلى قولين سيأتي ذكرهما، إن شاء الله تعالى - في النكاحِ.

ولو اتفق السكوت في السوم، فللغير أن يستام قولاً واحداً، عند المراوزة؛ فإن السكوت في باب النكاح قريبٌ من التصريح بالرضا في مقام الخطبة؛ فإن المخطوب يستحي في أول مجلس ولا يصرح.

وذَكر العراقيون في السوم طريقةً أخرى فقالوا: إن سكت من خُطب إليه أو من طلب منه متاع، ولم يقترن بالسكوت ما يدل على الرضا، فلا يحرم بهذا السكوت الخِطبةُ، ولا السوم، والسكوت يقدر على وجوه، وإنما يدل على الرضا بعضُها، ولو اقترن بالسكوت ما يدل على الرضا، ففي الخِطبة والسوم جميعاً قولان.

فلم يفرقوا بين السوم والخِطبة في الطريقة التي رتبوها.

وما ذكروه منقاسٌ. ولكن لا يمكن أن [نُنكر] (١) الفرقَ بين السوم والخِطبة.

فالوجه أن يقال: الدال على الرضا مع السكوت في الخطبة، ربما يخالف الدالَّ على الرضا في السوم، في مجاري العاداتِ، فيقع الفرق في أصناف القرائن. وإطلاق القول بأن السكوت دليل الرضا في الخطبة ليس كذلك.

فهذا تمام الغرض في هذا الفصل.

ثم قال الشافعي: صاحب البيع على البيع والسوم على السوم يَحْرَجُ إذا كان عالماً بالخبر، والناجش يعصِي وإن لم يبلغه الخبر المخصوص في النجش. وسبب ذلك أن تحريم البيع على البيع والسوم على السوم لا يدركه عامةُ الناس، وأما النجش، فخداعٌ، وقد استفاضَ في الناس وشاع تحريمُ الخداع. والقول فيه قريب.

* * *


(١) في النسخ الأربع: (يذكر). ولعل ما قدرناه يكون هو الصواب المناسب للمعنى والسياق، يساعدنا على ذلك الاستدراكُ الذي ذكره تعقيباً على قول العراقيين إنه لا فرق بين السوّم والخطبة.