للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلو رجع عن الإقرار، قُبل رجوعُه، فيما يتعلق بالعقوبة، ولم تقطع يده. وفي قبول رجوعه عن ضمان المال قولان. وزعم هؤلاء أن وجه البناء أنا إذا قلنا: لا رجوع في المال، فكأنّا لم نبعّض حكمَ الرجوع. فنقول: على هذا لا نبعّض حكمَ إقرار العبد. فإذا قبلناه في وجوب القطع، قبلناه في تعلّق قيمة ما أقر بسرقته، ثم بإتلافه برقبته.

وإن قلنا: لا يقبل رجوعُ المقِرّ الحرِّ فيما يتعلق بالضمان، فقد بعّضنا حكمَ الرجوع آخراً، فلا يمتنع أن نبعّض حكمَ إقرار العبد أوّلاً، ونقولُ إقراره في العقوبة (١) [مقبول] (٢)، وفيما يتعلق بحق المولى مردود.

وعندي أن هذا البناءَ فاسد، وقد عول الباني فيه على اتباع العبارة. أما القول الذي يُقبل فيه الرجوع عن المال وغَرَمه في حق الحر المقِرُّ، فلست أدري له وجهاً أولاً. ثم لا مشابهة في المعنى بين المسألتين؛ فإن الذي حملنا على قبول إقرار العبد في المسروق انتفاءُ التهمة، لا ينقدح في توجيه القبول غيره.

(٣ وهذا المعنى أنَّى يتحقق في الرجوع عن الإقرار؟ ٣).

٣٤١٦ - هذا تفصيل المذهب في إقرار العبد بالسرقة أتينا به مقدمةً لإقراره بما يوجب القصاصَ على قولنا: إن موجَبَ العمد القودُ أو المالُ أحدُهما لا بعينه. ثم يعفو المقَر له، وقد عاد بنا الكلام إلى بيان هذا:

وقد اختلف أصحابنا فيه: فمنهم من قال: في ثبوت المال في هذه الصورة تفريعاً على هذا القول قولان مرتبان على القولين في قبول إقرار العبد في إتلاف المسروق، فإن حكمنا بقبول إقراره ثَمَّ، فلأن نحكم بقبوله في المال في مسألتنا أولى.

وإن حكمنا بأن المال لا يثبت متعلِّقاً بالرقبة في الإقرار بالسرقة، ففي ثبوت المال حيث انتهينا إليه قولان. والفارق أن المقَرَّ به في مسألتنا شيءٌ واحد، وهو القتل، ثم


(١) (ص)، (ت ٢): العقود.
(٢) ساقطة من الأصل.
(٣) ما بين القوسين مضروب عليه في (ص).