للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣٤٥٥ - وإذا انتهى الكلام إلى هذا، فنذكر ما فيه من مزيد، فنقول: أجمع أئمتنا على أن المتعاقدين لو تبايعا الدراهم بالدنانير وصفاً، ثم عجلا في المجلس، وتفرقا عن تقابض، صح ذلك وإن اعتمد العقد في ابتدائه الذمة من الجانبين، وهل يصح العقد على هذا الوجه بعبارة السلم؟ فعلى وجهين ذكرهما الشيخ أبو علي في الشرح. وهذا مأخوذ من خلاف للأصحاب سنذكره في أن السلم هل يصح في الدراهم والدنانير إذا كان رأس المال ثوباً، أو غيره؟

ولو اشتمل العقد على عوضين من أموال الربا يشترط التقابض فيهما، كالمطعومات يباع بعضها بالبعض، فلا بد من التقابض في المجلس.

فلو وصفا في الشقين، ثم عجلا، وجرى التقابض كما ذكرنا في الدراهم والدنانير، ففي صحة ذلك وجهان مشهوران: أحدهما - الصحة كالنقود، والثاني - لا يصح؛ فإن الوصف يطول في العروض، وتعيين الدراهم يقرب من وصفه، ولهذا يكتفى في النقود الغالبة بالإطلاق من غير وصف، والقياس أن لا فرق؛ فإن الوصف وإن كان يطول، فإذا ذكر، فهو كالوصف الذي يقرب ولا يطول.

ويتصل بهذا أنه لو استحق على رجل ديناً مستقراً، ثم اعتاض عنه دراهم معينة، صحَّ. ولو اعتاض دراهم موصوفةً، ثم عجلها في المجلس، صح. فإن لم يعجلها في المجلس نُظر: فإن كان الدين نقداً، لم يجز. وإن كان الدين عَرْضاً، ففي المسألة خلاف قدمناه في كتاب البيع.

وغرضنا الآن أنا حيث نشترط التعجيل في المجلس يجوز الاعتماد [في أصل العقد] (١) على الوصف في الدراهم، وهل يجوز الاعتماد على الوصف في العروض على أن تعجل في المجلس؟ فعلى وجهين. وهذا بعينه هو الذي قدمناه.

٣٤٥٦ - ومما يتعلق بأطراف الكلام أن المسلم إذا فسخ السَّلم، فإن كان رأس المال قائماً، فيجوز الاستبدال عنه قبل القبض؛ لأنه وإن كان مضموناً، فليس هو ضمان مقابلة على التحقيق، وقد انفسخ العقد، والاستبدال عن الأعيان المضمونة بالقيم


(١) زيادة من (ت ٢).