للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

٣٤٦٦ - أجمع الأئمة على أن الاعتياض عن المسلم فيه لا يجوز؛ فإنه وإن كان موصوفاً، فهو كالبيع في كونه مقصوداً، وإذا امتنع التصرف في المبيع قبل القبض مع فرض توفير الثمن، فالمسلم فيه وهو في الذمة لم يتحصل بعدُ، بذلك (١) أولى.

وذكرنا في الاعتياض عن الأثمان قولين في كتاب البيوع.

وغرض هذا الفصل أن النقد إن التحق به باءُ الثمنية، فهو ثمن، وفي الاعتياضِ

عنه القولان. وإن اتصل باءُ الثمنية بثوبٍ أو غيرِه، فقد ذكرنا في مسائل البيع خلافاً في

أنه هل يكون ثمناً. فلو قال: اشتريت منك عشرة دنانير -ووصفها- بهذا الثوب،

وقد اتصل باء الثمن بالثوب، وأقيم النقد على هذه الصيغة مقام المثمن. فإن قلنا: الدراهم ثمنٌ كيف أثبتت في العقد، فيجوز الاعتياض عنه على أحد القولين في هذه الصورة.

وإن قلنا: الثمن ما اتصل به باء التثمين، فالثوب ثمن. ولا يجوز الاعتياض عن الدراهم قولاً واحداً. وإذا منعنا الاعتياض على هذا الترتيب، فهل يجب تسليم الثوب في المجلس؟ فعلى وجهين، قدمنا أصلَهما. فإن اتبعنا المعنى، فالعقد سلمٌ، وإن اتبعنا اللفظ، فلم يجر لفظ السلم. فلا يجب التسليم في المجلس.

وممّا يتعلق بهذا الفصل أن الفلوس إذا جرت في بعض البلاد وراجت رواج النقود، فقد ذهب شرذمةٌ من الأصحاب إلى أنها تلتحق بالنقود في الأحكام. ومنهم من قال: ليس لها حكم النقود، وإنما هي كالأعواض الرائجة، وإن كسدت، فهي كالأعواض الكاسدة.

فإذا تبين هذا بنينا عليه أنه لو قال: اشتريت منك مائة فلس بهذا الثوب، فإن

قلنا: الفلوس من العُروض، فليس في الصفقة ما هو ثمن في جوهره. وإن قلنا:

الفلوس لها حكم النقود، فإذا قال: اشتريت منك مائة فلسٍ بهذا الثوب، فهو كما لو


(١) في (ص) و (ت ٢): ذلك.