للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثمن، أو يتعلق بغرض. وإن أمكن التقريب فيما يؤثر في القيمة، فَطَمَعُ ضبطِ الأعراض طمعٌ في غير مطمع. فالوجه أن نقول: معظم الأوصاف التي تضيق العبارة عنها نقائضها عيوب في الحيوانات، فإطلاق العقد يغني عنها. وهذا جنسٌ عظيم في الصفات.

٣٥٠٢ - ومما نذكره أن الأغراض في الحيوان لا ضبط لها، والناس على اختلاف فيها، ولو ذكر كل ما يقصد في جميع الحيوان، انتهى الأمر إلى عزّة الوجود لا محالة. وإذا وضح هذا في الخَلْق، ثم ضمت الأخلاق إليها، صار المسلمُ فيه عنقاءَ مُغرب (١).

فإذا تنبه المتنبه لما ذكرناه، قلنا بعده: كل فنٍّ يعتبر في غير الحيوان، فهو في الحيوان أولى بالاعتبار. الصنف: وهو يضاهي الأجناس والأنواع. واللون: وقد تمهد اعتباره. والسن: وهو يناظر الحداثة والعتق فيما تقدم ذكره. ولم يعتبر العراقيون القدّ. وهذا خطأ صريح (٢)؛ فإنا وجدنا لذلك نظراً في العُمُد والجذوع، ولكن الشَّبْرَ (٣) بالأشبار لست أراه؛ فإن مما يتعين محاذرته الوقوعَ في العزّة، غيرَ أن أهل المعرفة يعرفون الطويلَ، والرَّبعَ (٤)، والقصيرَ، والتنزيل على أدنى الدرجات قانونُ الكتاب (٥). فهذه الأمور لا بد منها، والسلامة فيها غناء عظيم.

وبقي وراء هذا شيئان: أحدهما - أن ضبط كل عضو بما يليق به، وبما يقصد


(١) العنقاء طائر معروف الاسم مجهول الجسم والوصف، أي خرافي متوهم لا وجود له، و"مُغرب" من أغرب إذا مشى متجهاً إلى جهة الغرب. وهذا اللفظ إشارة إلى المثل المأثور " حلّقت به عنقاءُ مُغرب " يضرب لما بلغ الياس من الحصول عليه غايته (مجمع الأمثال: ١/ ٣٥٧).
(٢) تعقب الإمام النووي إمامنا في هذا النقل، وقال: " إن الموجود في كتب العراقيين القطع بوجوب ذكر القدّ (ر. الروضة: ٤/ ١٨) وكذا تعقبه الرافعي قائلاً: إن كتبهم مشحونة بأنه يجب ذكر القدّ " (ر. الشرح الكبير: ٩/ ٢٨٩).
(٣) الشَّبر: القياس بالشِّبر. من شبر الثوب شبراً إذا قاسه بشبره (معجم).
(٤) الرَّبع: الوسيط القامة. (معجم).
(٥) يقصد قانون كتابه هذا ومنهجه.