فإذا لم يكن لذي الحق غرض في الامتناع، وظهر غرضُ المعجل أُجبر صاحبُ الحق على القبول.
وإن لم يكن لواحدٍ منهما غرض: لا لذي الحق في الامتناع، ولا للمعجل، ففي المسألة قولان: أحدهما - أن ذا الحق لا يجبر، وله أن يبني الأمر على الوفاء بالأجل، ويجعل المعجِّلَ كالمتبرع المعطي مزيداً، وإذا كان كذلك، فله الامتناع من تقلّد هذه المنة.
والقول الثاني - أنه يجبر؛ فإن الأجل حق من عليه الدين، فإن أسقطه، لم يكن لمستحق الحق أن يمتنع. وإذا كان أصل الحق يسقط بإبراء مستحقه من غير شرط القبول على الأصح، فينبغي أن يسقط حق الأجل من غير حاجة إلى قبول من يستحق أصل الدين.
ولو كان لصاحب الحق غرض في الامتناع، وكان للمعجل غرض ظاهر في التعجيل، فالذي ذهب إليه الأكثرون أنا نرعى جانب مستحق الحق، ونقطع بأنه لا يجبر لعذره اللائح، ومن أصحابنا من جعل تقابل العذرين كسقوطهما، وخرَّج المسألة على القولين كما ذكرناه.
ولو لم يكن للمستحق غرض في الامتناع، وظهر غرضُ المؤدي، فقد قطع الأصحاب بالإجبار في هذه الصورة.
ولو كان الدين سلماً، فعمّ وجودُ المسلمِ فيهِ قبل الحلول، وكان يخاف المسلَمُ إليه من انقطاع الجنس قبل الحلول؛ فهل يعد ذلك عذراً في جانب المعجِّل؛ حتى يبنى عليه ما تقدم من التفصيل في أعذار المعجِّل؛ فعلى وجهين: أحدهما - أنه عذرٌ؛ فإنه قد يترتب على التأخير انفساخ العقد، أو حق فسخه. والثاني - أنه ليس بعذر؛ فإن العقد إن انفسخ، رد رأس المال، وسقط عنه الدين، في مقابلة ما يرد.
هذا كله في الدين المؤجل إذا عجَّله مَن عليه.
٣٥١٢ - فأما إذا كان الدين حالا، فجاء به من عليه، وامتنع المستحق من القبول،