للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويلتحق بهذه الصورة أن يقول البائع: بعت وارتهنت، ويقول المشتري رهنت واشتريت، فسواء وجد تقدم شقي الرهن على شقي البيع على صورة الاقتران، أو وجد من أحد الجانبين تقديم شق من الرهن، فالوجه منع صحة الرهن.

ويقرب أن يرتب هذا على تقدم الشقين من الرهن. ووقوع البيع بعدهما.

ولكن لا ينبغي أن يُعتقد ذلك الوجه الضعيف من أصل المذهب، حتى يُبتنى عليه أو يُرتَب عليه.

فلنبتدىء قائلين: الأصح أن الرهن يفسد في الصورة التي ذكرناها؛ لأنه قُدِّم شق منه أو شقاه على شقي البيع المثبت للثمن، وإذا كان الرهن يستدعي ثبوت الدين، فأحد شقيه يستدعي ذلك أيضاًً. ووضع الرهن استئخار أوله عن ثبوت الدين.

٣٥٢٢ - ومن المسائل في الباب أن يتقدم مصراع البيع على مصراع الرهن، وذلك مثل أن يقول للبائع: بعت منك هذه الدار، وارتهنت هذا الثوب بالثمن. فقال المشتري: اشتريت ورهنت، فقدم كل واحد شقَّ البيع على شق الرهن، ووقع شقا الرهن ممتزجين بشقي البيع، على ما وصفناه، وميزنا هذا النوع في التصوير عما تقدم عليه بذكر كل واحد من المتخاطبين شق البيع أولاً، فإنه لو ذكر أحدهما شق الرهن، ثم شق البيع، اتصل بالفن المتقدم على هذا.

ومن صور هذا القسم أن المشتري لو قال: بعني هذه الدار ورهنت هذا الثوب، فقال البائع: بعت وارتهنت، وجعلنا الاستدعاء قبولاً كما سيأتي في موضعه.

هذا بيان الصور.

ونصُّ الشافعي ظاهر في تصحيح البيع في هذه الصور، واتفق على القول بالصحة فيها الأصحاب.

وذكر القاضي في طريقه تخريجاً من عند نفسه، لم ينقله؛ فقال: هذا مشكل؛ فإن أحد شقي الرهن يقع لا محالة قبل ثبوت الثمن بانعقاد البيع، ووضع الرهن يقتضي استئخار إنشاء الرهن عن ثبوت الدين، فقال يظهر أن يخرَّج هذا قولاً. ويقول: لا يصح الرهن ما لم يتقدم الدين بشقيه، ثم يُنشأ أولُ الرهن بعدهما.