للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٣٥٣٢ - فأما رهن مال الطفل، فهو إيقاع طائفة من ماله في حَجْر الرهن، ولا يجوز هذا إلا بغبطةٍ ظاهرة عريّة عن الغرر، أو حاجة ماسَّة على ما سنصف المسائل الآن.

فأمّا الحاجة: فإذا مست حاجة الطفل إلى ما يصرف إلى نفقته، وكان ماله عقاراً، فضن الولي بالعقارِ، ولم ير بيعه واستمكن من استقراض شيء يُتزجَّى (١) به، ولم يُبْعِد أن يتأدى ذلك الدين من رَيْع الضيعة، ولكن لا يتمكن من هذا إلا برهن ذلك العقار، فهذا جائز، وظهور المصلحة فيه بيّن.

هذا بيان الحاجة.

فأما الغبطة: فإذا رأى الولي شيئاً يباع بألفٍ نسيئة. وكان يساوي ألفين، ولكن كان لا يستمر الأمر إلا برهن شيء يساوي ألفاً من مال الطفل، فالولي يفعل ذلك؛ فإنه يتنجز فائدةَ الطفل، وليس عليه غرر؛ فإن الرهن لو تلف وأدى الولي ألفاً، لم يخسر الطفل شيئاً؛ فإن المشترَى يساوي ألفين. وبمثله لو كان لا يقنع في هذه المعاملة إلا برهنٍ يساوي ألفين، فلا غبطة؛ من جهة أن الحيلولة تقع ناجزة بين التصرف للطفلِ، وبين الرهن في الحال، ويجب بذل ألف في ثمن السلعةِ، فإذا بذل الألف وفُرض التلف في الرهن، فالثمن وقيمة المرهون ثلاثة آلاف، والحاصل للطفل من المعاملة ألفان.

فإن قيل: العين المرهونة كانت تتلف أيضاً لو بقيت في يد الطفلِ غير مرهون.

قلنا: نعم ولكن انتجز منعُ التصرف فيه، ولو كان التصرف سائغاً لكان ربما يسبق التصرف، فآل المنعُ إلى تنجيز الحجر وضم الثمن.

قال شيخي أبو محمد لو كان المرهون بحيث لا يتلف في مطّرد العادة كقراح من الأرض، فهذا فيه احتمال؛ من جهة أن الزيادة حاصلة في قيمة المبيع، وتحصيل الزيادة تنجيزُ ملك له على مقابلة حجر في الحال، والتسبب إلى رفعه بأداء الثمن


(١) يتزجى به: يُكتفى به. (معجم).