للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهل ما قاله الذهبي في الحديث أثبت وأقوم وأصح مما قاله فيه إمام الحرمين؟

لقد قال إمام الحرمين عن الحديث: " هو مدوّن في الصحاح " وهو كذلك، فقد رواه " أبو داود "، و" الترمذي " وهما من أصحاب الصحاح الستة.

وقال متفق على صحته، وهو لا يعني بهذا المصطلح الحديثي " متفق عليه بين البخاري ومسلم " ولا اصطلاح " صاحب المنتقى " ما اتفق عليه البخاري ومسلم وأحمد، فمن يقرأ النص كاملاً في البرهان يدرك أنه يقصد بالاتفاق تلقي علماء الأصول له بالقبول.

فماذا قال الذهبي عن الحديث؟

قال: " إن الحارث بن عمرو فيه جهالة ".

وهذا الكلام لا يسلم للذهبي، فقد تعقبه الشيخ شعيب الأرناؤوط بقوله: " ممن مال إلى القول بصحة هذا الحديث أبو بكر الرازي الجصاص، وأبو بكر بن العربي، والخطيب البغدادي، وابن قيم الجوزية، وقالوا:

الحارث بن عمرو ليس بمجهول العين، لأن شعبة بن الحجاج يقول عنه: إنه ابن أخي المغيرة بن شعبة، ولا بمجهول الوصف؛ لأنه من كبار التابعين في طبقة شيوخ أبي عون الثقفي المتوفى سنة ١١٦ هـ.

ولم ينقل أهل الشأن جرحاً مفسراً في حكمه، ولا حاجة في الحكم بصحة خبر التابعي الكبير إلى أن ينقل توثيقه عن أهل طبقته، بل يكفي في عدالته وقبول روايته ألا يثبت فيه جرح مفسّر، عن أهل الشأن؛ لما ثبت من بالغ الفحص عن المجروحين من رجال تلك الطبقة؛ فمن لم يثبت فيه جرح مؤثر منهم، فهو مقبول الرواية.

والشيوخ الذين روى عنهم هم من أصحاب معاذ، ولا أحد من أصحاب معاذ مجهولاً، ويجوز أن يكون في الخبر إسقاط الأسماء عن جماعة، ولا يُدخله ذلك في حيز الجهالة، وإنما يدخل في المجهولات إذا كان واحداً، فيقال: حدثني رجل أو إنسان.

وشهرة أصحاب معاذ بالعلم والدين، والفضل والصدق بالمحل الذي لا يخفى.

وقد خرج الإمام البخاري الذي شرط الصحبة حديث عروة البارقي: "سمعت

<<  <  ج: ص:  >  >>