ذكر ابن سريج فيما حكاه العراقيون وجهين: أحدهما - أنه يكون متعدياً؛ فإنه لم يثبت لواحدٍ منهما الاستقلال بالحفظ، فإذا أثبت أحدُهما ذلك لصاحبه، كان على خلاف موجب الاستحفاظ.
والوجه الثاني - أنه لا يكون المسلِمُ إلى صاحبه متعدياً، وكذلك لا يكون المستقلّ متعدياً؛ فإن استحفاظهما يشعر في الظاهر بقيام كل وَاحد منهما بحق الحفظ، لو لم يكن صاحبه حاضراً؛ فإن اعتقاد اجتماعهما أبداً على الحفظ -وهو أمر دائم- بعيدٌ.
والألفاظ المطلقة تؤخذ من موجَب العرف، وليس كما لو فرضَ الوصايةَ إلى رجلين، فإن التصرفات لا يستقل بها أحدُهما دون الثاني؛ فإن الاجتماع على تصرف يقع في الأوقات ليس متعذراً، فحَمْل الأمرِ على اشتراكهما، وصدور التصرفِ عن رأيهما ليس بعيداً، بخلاف دوام الحفظ.
ثم إذا أثبتنا عند إطلاق الاستحفاظ لكل واحد منهما رتبةَ الاستقلال، فلو تنازعا،
فليس أحدُهما أولى من الثاني. فإن أمكن الاشتراك في إثبات اليد، فلا مَعْدَل عنه.
وإن عسر، وقد تنازعا، ورأى القاضي أن يقسم العين بينهما -وكانت قابلةً للقسمة- فله ذلك؛ فإنا إذا كنا نثبت لكل واحد منهما الاستقلالَ بالحفظ، فلا يمتنع بسبب النزاع أن ينفرد كل واحد منهما بحفظ البعض.
وإن قلنا: لا يثبت لكل واحد منهما رتبة الاستقلال -وهو المذهب عند المراوزة- فلا سبيل إلى قسمة العين بينهما؛ فإنا لو فعلنا ذلك، لكنا مخصصين كل واحد منهما بالانفراد في بعض العين، وهذا يخالف موجَبَ الاشتراك.
فرع:
٣٦٩٤ - قال ابن سريج لو سلما الرهنَ إلى عدلٍ، ووكلاه ببيعه عند محِل الحق، وكانت العين من ذوات الأمثال، فأتلفه أجنبي، وغرم المثل. قال ابن سريج: يسلّم إلى العدل بحكم الاستحفاظ الأول، وإذا حل الحق، لم يبعه إلا بإذن جديد.
أما قوله: لا يبيعه إلا بإذن جديد، فصحيح. وأما قوله: يحفظه العدل من غير