للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عقدُ الرهن عن عقد البيع، فليس إذن هو صفة في البيع، فلا يفسد البيع بفساده. والصداق لما لم يتأصل ركناً في العقد، وتصور انفراد النكاح عنه، لا جرم لم يفسد النكاح بفساده.

فإن قيل: لم قطعتم بذلك في الصداق، وجعلتم المسألة على قولين في شرط الحَميل والرهن؟ قلنا: في الصداق قولٌ ضعيف أيضاًً سيأتي في موضعه، إن شاء الله تعالى؛ ثم الرَّهن إذا كان مجهولاً، صار الثمن مجهولاً؛ فإنه متعلَّق الثمن، وجهالة الثمن تُبطل العقد. وهل يرد على هذا شرط الرهن الصَّحيح؛ فإنه إذا انضم إلى الثمن، كان زيادة، وليست مضبوطة، فكأن العين مبيع بألفٍ وشيء. قلنا: إذا كان الرهن معلوماً، فليس يخفى وقعه، ثم هو كالأجل والخيارِ في أنه من مصالح العقد، فاحتمل شرطه، ولا ضرورة في شرط المجاهيل، كما ذكرناه في الأجل.

فصل

ولو قال: " رهنتك أحدَ عبديَّ ... إلى آخره " (١).

قد ذكرنا أن هذا مجهول، وشرط الرهن المجهول فاسد.

ثم قال: " لو أصاب المرتهن بعد القبض بالرهن عيباً ... إلى آخره " (٢).

٣٧٥٣ - إذا اختلف الراهن والمرتهن بعد قبض الرَّهن في عيبٍ كان بالرهن، فقال الراهنُ: حدث العيب في يدك، وقال المرتهن: بل كان قديماً في يدك، فالقول قول الراهن، كما قدمناه في اختلاف المتبايعين. وهذا إذا لم تكذِّب المشاهدةُ أحدهما، فلا يخفى حكمه إن كان كذلك. ثم إن كان الرهن مبتدأ غير مشروط، فلا أثر للعيب فيه؛ فإن المرتهن لو أراد أن يفسخ الرهن من غير عيب، كان له ذلك، وإنما مسائل عيوب الرهن فيه إذا كانت مشروطة في البيع، فإذا فُرض الرهن مشروطاًً في البيع، ثم اطلع المرتهن على عيبٍ قدبم به، كان له أن يفسح البيع، ولا يتأتى ذلك منه، ما لم


(١) ر. المختصر: ٢/ ٢١٥. وفيه: " أرهنك ".
(٢) السابق نفسه.