للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما قوله: " القول قول المرتهن في الرهن "، فمشكل؛ فإن الراهن والمرتهن لو اختلفا في مقدار الرهن، أو في إقباضه، فنفى الراهنُ مقداراً عن الرهن، أو نفى الإقباضَ، فالقول في ذلك كله قول الراهن، فلا يستدّ مطلق قول المزني، ولا بد للفظه من تأويل، فنذكر وجهه، وهو على التحقيق مراده، وسياق كلامه دليل عليه: فمراده أن الرهن إذا كان مشروطاًً في البيع، فالمرتهن هو البائع والراهن المشتري، فإذا تنازعا في أصل الرهن، كان أو لم يكن، أو في قدره، أو جنسه، فهذا اختلاف المتبايعين في صفة العقد، والحكم فيه التحالف. ثم البداية على الأصح تقع بالبائع وهو المرتهن، فالمعني بقوله: " القول قول المرتهن " هذا.

ويمكن أن يُفرض نزاعٌ في بعض أحكام الرهن، والقول فيها (١) قول المرتهن: وذلك إذا اتفقا على الرهن والقبض، فقال الراهن: فسخنا الرهن. وقال المرتهن: لم نفسخه، فالقول قول المرتهن؛ لأن الأصل أن لا فسخ.

ثم قال: "فيما يشبه ولا يشبه": وهذا رد على مالكٍ؛ فإنه يقول: لو كان الدّين ألفاً، فقال المرتهن رهنتني هذا العبد، وقيمته ألف، فقال الراهن: بل رهنتك الآخر، وقيمته خمسمائة. قال مالك (٢): القول قول المرتهن؛ لأن الظاهر أنه لا يرضى أن يرتهن بالألف ما يساوي خمسمائة، وهذا الذي ذكره مالك لا عبرة به، ولا نظر إلى مقدار القيمة.

فصل

قال الشافعي: " ولو قال الرجل لرجلين: رهنتماني ... إلى آخره " (٣).

٣٧٠٩ - إذا ادعى رجل على رجلين أنهما رهنا منه عبدهما بمائة، نُظر: فإن صدّقاه، ثبت الرهن، وإن كذباه، فالقول قولهما مع اليمين؛ لأن الأصل عدم الرهن. فإن صدقه أحدهما وكذبه الآخر، فنصيب المصدِّق وهو النصف رهنٌ


(١) إلى هنا انتهت نسخة (ص). وهي ناقصة من آخرها. ولذا خلت من الخاتمة.
(٢) ر. الإشراف للقاضي عبد الوهاب: ٢/ ٥٨٥ مسألة: ٩٧٧.
(٣) ر. المختصر: ٢/ ٢١٦.