القابض أن المؤدِّي يودعه الألفَ، وأنه مستحفظ فيه، وقصد المؤدِّي قضاءَ حقه، فالقبض يتم، وذمة المؤدي تبرأ.
وهذا فيه أدنى نظر عندي؛ فإن الإقباض شرطه التمليك، وكل من عليه الدين إذا أداه، فكأنه يُملّك القابضَ، ويثبت له في الأعيان ملكاً؛ فإن حقه لم يكن متعلِّقاً بعين، فإن وصل المُقبضُ فِعله بقولٍ، فذاك. وإن لم يصله بقول، فلا يبعد أن نقول: لا بد من مَخِيلة مُملِّكة مشعرة بتسليط القابض؛ فإن التمليك بالمبهمات غيرُ متجه.
٣٧١٢ - فإذا تبين ما ذكرناه، عاد بنا الكلامُ بعده إلى طريق فصل التنازع.
فنقول: إذا اختلف الراهن والمرتهن على ما ذكرناه، فالقول قول الراهن مع يمينه. ولو قال: أديتُ الألفَ، وقصدت أن يكون نصفُه عن جهة الرهن، ونصفه عن الألف المرسل، فهو مصدَّق، فإن نُوزع، يُحَلَّف.
وإن قال: لم يكن لي قصدٌ في تعيين جهةٍ، وإنما أديت الألف مرسلاً، ففي المسألة وجهان: أحدهما - أنا نقول له: الآن اصرف الألفَ إلى أي جهة شئت. فإن صرفه إلى الرهن، انفك. وإن صرفه إلى الآخر، بقي الرهن، وإن قسمه عليهما، انقسم. والوجه الثاني - أن الأداء المطلق محمول على التقسيم، فيقع عن كلّ دين قسطٌ من المؤدَّى. فإن [استويا](١) في المقدار يقسط عليهما بالسوية، وإن اختلفا، يقسط عليهما على تفاوت القدرين.
ولهذا نظائر منها: أنه لو أقرض مشرك مشركا ألفاً بألفين، ثم قضاه أحد الألفين في الشرك، ثم أسلما، فقال المؤدي: أديتُ في الشرك ما أديتُ عن جهة الربح، فالألف قائم عليه، وهو مطالبٌ به في الإسلام. وإن زعم أن الذي أديتُه قصدتُ به تأدية رأس المال، فهو مصدّق، وإن اتهم، حُلِّف. وموجب تصديقه الحكمُ ببراءته؛ فإن أصل الدين قد تأدى؛ ولا ربحَ في الإسلام. وإن زعم أني أديت الألف ولم أقصد صرفَه إلى جهة مخصوصة، فوجهان: أحدهما - أن المؤدّى مُقسط على الربح ورأس المال. وحكم ذلك أن يطالبه في الحال بخمسمائة؛ فإنه قد أدَّى