للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ملكه لغيره، وفي الإعارة غرضٌ على حالٍ سوى الحفظ.

ومن أصحابنا من جعل الإيداع أولى بأن لا يُبطل حقَّ البائع؛ فإنه ليس فيه تسليط أصلَاّ، وفي الإعارة تسليط.

ولم يختلف أئمتنا في أن المرتهن لو رَدَّ الرهنَ إلى يد الراهن [بأية] (١) جهة فرضت مع استمراره على الرهن، فحقه قائم لا يبطل.

٣٧١٧ - عاد الآن بنا الكلامُ إلى ما كنا فيه من اختلاف البائع والمشتري. فإن قلنا: الإعارة، والإيداع يُبطل حقَّ البائع، فلا معنى للاختلاف؛ فإنه اعترف بمبطلِ حقه.

وإن قلنا: الإعارة والإيداع لا يبطلان حقَّه من الحبس، فإذا تنازعا، انتظم الخلاف الذي ذكرناه. والوجه الضعيف في ادعاء البائع للغصب، وادعاء المشتري الإقباض عائدٌ.

وبالجملة يد البائع ضعيفة. وآية ذلك أن المشتري إذا قتل (٢) العبدَ المشترى، جعل ذلك قبضاً منه ناقلاً للضّمان، وإن كان على كُره من البائع، وكان من الممكن أن نقولَ يغرم قيمةَ المبيع، ويسلمَها لتُحبس على الثمن، كما نقول: يغرَم الراهن قيمةَ المرهون إذا قتله لتوضع رهناً إلى أداء الدين.

وذكر صاحب التقريب وجهاً في كتاب البيع: أن إتلاف المشتري لا يكون قبضاً، وأن القيمة تلزمه، فتجعلُ محبوسةً كما ذكرناه في الرهن.

وهذا بعيد جداً لم يتفق منا حكايتُه في كتاب البيع.

ومما يتعلق باختلاف المحابس لما نحن فيه أنه لو قال من عليه الدين لمستحقه: رهنتك هذا العبدَ بالألف الذي لك عليَّ. وقال صاحب الحق: بل بعتنيه بالألف، فالقول قول من عليه الحق، لا خلاف فيه؛ فإن صاحبه ادعى عليه إزالةَ الملك بطريق البيع، والأصل عدمه، وبقاءُ الملك؛ فينتفي البيعُ بنفيه، ولا نحكم بالرهن؛ لأن المستحِق ليس يدعيه.


(١) في الأصل: فإنه. والمثبت من (ت ٢).
(٢) في (ت ٢): قبل. وفي الأصل بدون نقط.