للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي ولد العارية والمأخوذ سوماً وجهان: أحدهما - أنه مضمون كالأم. والثاني - أنه ليس مضموناً. وسبيله سبيل الثوب يلقيه الريح في دار إنسانٍ، وهذا الاختلاف ينشأ من أن الأيدي المضمَّنة الصادرة عن إذن السيد هل توجب ضمان الغصوب أم لا، وفيه خلافٌ، رمزنا إليه، وسنصفه من بعد، إن شاء الله تعالى.

ولو أودع رجل بهيمة عند رجل أو جارية، فولدت في يد المودَع، ففي المسألة وجهان: أحدهما - أنه وديعة بمثابة الأم. والثاني - أنه ليس بوديعةٍ. وهذا القائل يقول: ليس مضموناً، بل هو كالثوب تهبُّ به الريح، فتلقيه في دار إنسانٍ. وأثر هذا الخلاف أنا إن لم نجعله وديعة، فلا بد فيه من إذن جديد. وإلا لا تجوز إدامة اليد عليه، كمسألة الثوب والريح، وإذا قلنا: هو وديعة استمر المودَع، ولم يستأذن، وسبيله سبيل الأم.

وهذا الخلاف في ولد الوديعة له التفاتٌ على خلاف الأصحابِ في أن الوديعة عقد أم لا؟ وفيه اختلاف بين الأصحاب. ومن أدنى آثار هذا الخلافِ أنه إذا أودع وشرط شرطاً فاسداً مثل أن يقول: أودعتك على أن يكون الإنفاق عليك، فهذا يخالف وضع الشرع. فمن جعل الوديعة عقداً، أفسدها بهذا الشرط، وما في معناه. فلا بد من ائتمانٍ جديدٍ، وإلا كان ما أخذه وديعة بمثابة الثوب والريح. وإن لم نجعل الوديعة عقداً، فالشرط لا يؤثر فيه أصلاً، بل يلغو الشرط الفاسد، ويبقى موجب الإيداع إلى الرد، أو إلى عدوان يصدر من المودَع.

ويقربُ من هذا المأخذ مسألةٌ نص الشافعي فيها على قولين وهي إذا أودع صبياً، فأتلفه، هل يجبُ الضمان على الصبي؟ فعلى قولين: أحدهما - لا ضمان؛ لأن المالك سلطه عليه بعقد، فهو المتسبب إلى إتلاف ماله. والثاني - يضمن؛ فإن الإيداع ليس بعقد حتى يُقضى على المالك بأنه عقد عقداً على الفساد. ولكن مهما (١) أتلف الصبي ضمن؛ فإنه أتلف مال غيره ولا عقد.

أما ولد المبيعة، فلا خلاف أنه لا يجوز حبسه لاستيفاء الثمن، يعني ولداً يحدث


(١) "مهما": بمعنى "إذا".