وسلم؛ إذ قال:"الرهن محلوب" ولا شك أنه أراد أن الراهن حالب البهيمة المرهونة، وراكبها، والمنفق عليها.
فأما اللبن الكائن في الضرّع حالة العقد، ففيه طريقان: منهم من قال: هو كالحمل. ومنهم من قطع بأن الرهن لا يتناوله؛ فإنه موجود مقطوع به، وقد قابل النبي صلى الله عليه وسلم لبنَ المصرّاة بعوض.
وأما الصوف الموجود حالة العقد، فالذي نقله الربيع أنه يدخل تحت العقدِ؛ فإنه متصل اتصال خلقة، وهو ظاهر بادٍ، فأشبه أغصان الأشجار. والصحيح أنه لا يدخل تحت العقد؛ فإنه وإن كان متصلاً معدودٌ في العرف منفصلاً. ومن أصحابنا من قال: إن كان الصوف مستجزًّا حالة العقد، فهو كالمجزوز، فلا يدخل في الرهن، وإن لم يكن مستجزًّا دخل في العقد، ثم تلك الجِزّة متعلق الرهن إذا جزت.
٣٧٢٩ - وأمّا أغصان الأشجار فما لا يعتاد قطعها داخلة في الرَّهن، وما يعتاد قطعها ثم إنها تنبت أغصاناً من محل القطع كالخِلاف، وما أشبهه، فهذه الأغصان نزَّلها العلماء منزلة الصوفِ، من جهة أن الصوف، يستجز، فتجز، كما أن الأغصان تستغلظ، فتقطع.
وأمّا أوراق الأشجار فما يعتمد قطعها كأوراق الفِرصاد (١)، فالقول فيها كالقول في الثمار. وقد ذكرنا أن الثمار لا تدخل، ثم هي تُخلق ظاهرة، فكانت كالثمار المؤبرة البارزة.
وأما الأوراق التي لا تقطع، ولكنها تنتثر أوان الخريف، فالرهن يتعلق على ظاهر المذهب بها، وإذا تجمع منها ما يُجمع، كان بمثابة ما ينتقض من الدار المرهونة.
ومن أصحابنا من قال: إذا انتثرت الأوراق أو نثرت، لم يتعلق استحقاق الرهن بها.
هذا بيان ما يتعلق بالزوائد الموجودة حالة العقد.
(١) الفرصاد: شجر التوت، ومعنى "يعتمد قطعها": أي يُقْصد.