للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر الشيخ أبو علي في شرح التخليص قولاً أن رهن الجارية الحسناء ممنوعٌ أصلاً، إلا أن تكون مَحْرماً للمرتهن، فلا بأس حينئذ.

هذا تفصيل القول في المنافع وجهاتِ استيفائها.

٣٧٣٤ - ثم قال الأئمة: لا يُمنع الراهن من تعهد الرهن بما يدفع عنه ضرراً، أو

يحصّل خيراً، فإذا دعت الحاجة إلى حجامةٍ أو فصدٍ، أو توديجٍ (١) في الدابة، أو بَزْغٍ (٢)، فلا يُمنع الراهن من هذه الأجناس؛ إذ لا خطر. والحاصل منها دفعٌ أو نفعٌ، ومن جملة ذلك الختان، وأبدى بعض الأصحاب خلافاً في الختان عند القرب من حلول الحق؛ من جهة أن البيع يفرض ورودُه والمختون أَلِمٌ (٣)، وهذا ينقص القيمةَ، والرغبةَ، وهذا باطل؛ فإن هذا القدر لا أثر له في النقصان أصلا، فلا منع منه، أمّا إذا أراد قطع سِلعةٍ يخاف سريانها إلى الروح، أو إلى العضو، فهذا ممنوع؛ تخريجا على القاعدة التي ذكرناها.

٣٧٣٥ - وإذا نجز القول في انتفاع الراهن وما يمتنع منه وما يسوغ، فنقول: مؤنة الرهن فىِ القاعدة الكلية على الراهن المالكِ؛ فإن المؤونة تتبع الملكَ في أصل الشرع، ثم الذي نص عليه الأصحاب في الطرق أن المؤن الراتبة على الراهن. وإذا امتنع عن شيء منها أُجبر، ويشهد له حديث النبي صلى الله عليه وسلم، إذْ قال: "وعلى من يحلبه ويركبه نفقته" فجعل وجوب النفقة في مقابلة ملك الانتفاع، وأيضاً فإن الراهن ألزم نفسه الوفاء بتحقيق حق المرتهن من الوثيقة، ومِن ضرورة هذا الإنفاقُ على حسب مسيس الحاجة.

وذكر شيخي وطائفة من الأئمة أن الراهنَ إذا امتنع من الإنفاقِ، لم يجبر ولكن


(١) التوديج للدابة كالفصد للإنسان (مصباح).
(٢) في (ت ٢): "نزع"، وغير منقوطة بالأصل. والبَزْغُ من قولك: بَزَغَ البيطار الدابة بَزْغاً، من باب قتل: إذا شر حافرَها، علاجاً (للرَّهْصَة) وهي نزول الماء في حافر الدابة. فالبَزغُ شرط الحافر لإخراج هذا الماء (ر. الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي: فقرة: ٤٦٨، ٤٦٩، وأيضاً المصباح).
(٣) في الأصل: آلم. وهي صحيحةٌ أيضاًً.