للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المراوزة الخاصرةَ ليكون الجرح مذفِّفاً، فلا يجوز جرح آخر، وإن كان يفضي إلى الموت".

علق ابن الصلاح على ذلك بقوله: " هذا الذي ذكره من الحديث اختصار من الحديث الذي استدل به في ذلك شيخُه إمام الحرمين ... وأخطأ في قوله: " ولو طعنت في خاصرتها "، وإنما قال: " في فخذها " ... ؛ فلا يثبت -والحالة هذه- ما رامه المراوزة من تخصيص الخاصرة وأشباهها .. " ا. هـ كلام ابن الصلاح.

وقد تعقب الحافظ ابن حجر ابنَ الصلاح، فقال: " أنكر ابنُ الصلاح على الغزالي لفظَ (الخاصرة) .. ولا إنكار؛ فقد رواه الحافظ أبو موسى في مسند أبي العُشَراء له بلفظ: " لو طعنت في فخذها أو شاكلتها، وذكرت اسمَ الله، لأجزأ عنك "، والشاكلة الخاصرة ". ا. هـ كلام الحافظ (١).

فها هو ابن الصلاح -على منزلته في علم الحديث- ينكر لفظ (الخاصرة) ولا يحفظها: ويتعقب الغزالي وشيخَه، فيتعقبه الحافظ، ويثبت له أن هذه اللفظة واردة في الحديث، وأنه لا محل لإنكارها، ولا حق له في تعقب الغزالي وشيخه (٢).

* قال الغزالي في الوسيط: " أعطى النبي صلى الله عليه وسلم صفوان بن أمية في حال كفره ارتقاباً لإسلامه ".

وقد تعقبه النووي بقوله: " هذا غلط صريح بالاتفاق من أئمة النقل والفقه، بل إنما أعطاه بعد إسلامه " انتهى.


(١) ر. مشكل الوسيط - بهامش الوسيط: ٧/ ١٠٥، وتلخيص الحبير: ٤/ ١٣٤ حديث ١٩٣٥.
(٢) ومن الملاحظات التي يجب تسجيلها هنا، أن الحافظ ابن حجر رفق بإمام الحرمين -على غير عادته- حيث قال في تنبيه له حول هذا الحديث نفسه (حديث أبي العُشَراء قال: وقع لإمام الحرمين فيه وهمٌ؛ إذ جعل المخاطب بذلك أبا العُشَراء الدارمي، وإنما هو أبوه. ثم قال: ويجوز أن يكون ذلك من النساخ، كان يكون سقط من النسخة: " عن أبيه " ا. هـ
وسبحان الله مقلب القلوب، فهذه أول مرة يحمل الحافظُ فيها الخلل على النساخ، ولا يحمله على إمام الحرمين وقد رأيناه في أكثر من موضع مثل هذا تماماً يعنفُ الإمام، ويُغلظ له، ويحمله الخطأ، مع أن حمله على الناسخ أقرب من هذه الحالة. والله أعلم بالقلوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>