للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدين القديم، وهذا قرض جر منفعة، وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم.

وليس ذلك بمثابة ما لو شرط في نفس (١) الإقراض رهناً بذلك القرض بعينه؛ فإن الرهن في عين القرض لا يعد منفعة، وقد ذكرنا ذلك في باب القرض مفصلاً، وإنما ظهر جر المنفعة في هذه الصورة من قِبل شرط الرهن في غير القرض الجديد.

ومن دقيق الكلام في هذا الفن أن المقرض لو قال: أقرضتك ألفاً، على أن ترهنني به وبالألف القديم. فهذا على التحقيق شرطٌ فاسد، مفسد لهذا القرض.

ولو قال المستقرض: أقرضني ألفاً على أن أرهنك بالألف القديم، فجرى الشرط من المستقرض لا من المقرض، فهذا فيه تردد. والظاهر أن الشرط فاسد مفسد، كما لو صدر من المقرض.

وقال بعض الأصحاب: الشرط المفسد هو ما يصدر من المقرض؛ فإن اللفظ يُرعَى في جانبه، والشرط لفظ يتعلق بالشق الذي يعتبر فيه اللفظ. فهذا يبتني على ما تقدم ذكره، من أنا هل نعتبر لفظ القبول في جانب المستقرض؟ فإن اعتبرنا في جانبه لفظا كما تمهد في باب القرض، فالشرط الصادر منه كالشرط الصادر من المقرض.

وإن قلنا: لا يعتبر في جانب المستقرض لفظ، فالمسألة فيها احتمال، كما تقدّم، من قِبَل أن المستقرض إذا تلفّظ، ابتنى على لفظه لفظُ المقرض، ونزل شرط المستقرض منزلة شرط المقرض.

فإذا تبين فساد القرض في الصورة التي ذكرناها، فإذا سلم (٢) المقرض ألفاً على الفساد إلى المستقرض، ثم رهن المستقرضُ شيئاًً بالألف القديم والألف الجديد، فنقول: إن كان الألف الجديد موجوداً بعدُ؛ فالرهن به فاسد؛ فإنها (٣) أعيان مقرَّة على ملك المقرض، والرهن بالأعيان فاسد، فإذا جمع بين الألف القديم والجديد في الرهن، وأبطلنا الرهن في الألف الموجود، فهل يبطل في القديم؟ فعلى قولي تفريق


(١) في (ت ٢): تعيين.
(٢) في (ت ٢): أسلم.
(٣) أي الألف.