للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمستأجر عائدة إلى منافعها، لا معتبر به؛ إذ لو جاز التعويل عليه، للزم أن يكون ما ذكروه سبباً في إيجاب الضمان في الأصل على المرتهن والمستأجر لو تلفت العين في أيديهما، كما يجب الضمان على المستعير والمستأجَر (١)، فإذا لم يكن كذلك؛ فلا معوَّل على ما ذكروه وليت شعري ما قولهم لو ادّعى المرتهن والمستأجر تلف العين في أيديهما، هل يصدقان عندهم أم لا؟ والقياس أن ينزل دعوى التَّلف منزلة دعوى الرد في كل تفصيل.

فرع:

٣٧٧٩ - إذا رهن الغاصب العينَ المغصوبة عند إنسانٍ، وكان المرتهن يحسَبه مالكاً لتلك العين. فإذا تلفت في يد المرتهن، وجاء المغصوب منه مطالباً، قالوا: هل له مطالبة المرتهن أم لا؟ على وجهين: أحدهما - لا يطالبه؛ فإن يده يدُ أمانةٍ على الجملة، ولم يوجد من جهته عدوان؛ فلا وجه لمطالبته.

والوجه الثاني - أنه يطالَبُ؛ لأن العين المغصوبة تلفت في يده، ولم يوجد من جهة مالكها ائتمان فيها. ثم فرعوا على الوجهين. قالوا: إن قلنا: لا يطالب المرتهن، فلا كلام. وإن قلنا: إنه مطالبٌ، فهل يستقر الضمان عليه؟ فعلى وجهين: أحدهما - يستقر؛ فإن التلف حصل في يده، فأشبه ما لو أتلفه بنفسه، والتلف والإتلاف في الأعيان المغصوبة بمثابة واحدة، فينبغي أن يصير التلف منتهى الضمان في يد من وجد التلف في يده، وهذا معنى القرار. ثم من أثر الحكمِ بالقرار أنه إذا غرَّم المالكُ المرتهنَ، لم (٢) يرجع على الغاصب، فإذا غرَّم الغاصبَ رجع [هو] (٣) على المرتهن.

وقد طردوا ما ذكروه من الترتيب في يد المستأجر من الغاصب، ويد المودَع من جهة الغاصب، وكل ذلك وهم (٤) يحسبون أن الغاصب مالك العين (٥).


(١) المراد الأجير المشترك، وتكون المستأجَر (بفتح الجيم). (وانظر روضة الطالبين:
٤/ ٩٧).
(٢) في الأصل كما في (ت ٢): ولم. ولا محل للواو فيما قدرنا. والله أعلم.
(٣) مزيدة من (ت ٢).
(٤) الضمير يعود على المستأجر، والمودَع، والمرتهن.
(٥) أما إذا علم أن هذا مغصوب، فاستأجره أو ارتهنه ... ، فهو ضامن ضمان الغصوب قطعاً.