للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرع:

٣٧٨١ - إذا اشترى رجل عبداً بألف، فجاء إنسان وتبرع بأداء الدين، وكان ما أداه من جنس الثمن، فيصح، وتبرأ ذمة المشتري، ولا يرجع المتبرِّع عليه بما أداه، وإن أبرأ ذمته؛ فإنه لم يؤدِّ بإذنه، فلو خرج المبيع مستحقاً، وبان بطلان العقد، فالبائع يرد ما قبض على المتبرع، ولا يرده على المشتري؛ فإن المتبرع إنما أداه ثمناً، فإذا لم يكن (١)، ردَّ عليه ما سلمه إليه.

ولو استمر العقد على الصحة، ولكن وجد المشتري بالمبيع عيباً، فرده على البائع، فالبائع يرد ثمنه. واختلف أئمتنا: فمنهم من قال: يرده على المشتري؛ فإن البيع لم يتبين بطلانُه، وبقي الثمن على حقيقته، فلا سبيل للمتبرع إلى الرجوع فيما تبرع به. وليس ذلك كصور الاستحقاق.

ومن أصحابنا من قال: يرد الثمن على المتبرع؛ فإنه ما جرى بينه وبين المشتري ما يتضمن تمليك المشتري من طريق التضمين. وإنما طلب المتبرع أن يبرىء ذمة المشتري من غير تقدير تمليك له، حتى يقال دخل المؤدَّى في ملك المشتري في ألطف زمان، ثم انتقل من ملكه، ودخل ملك البائع، فإذا لم يكن [ذلك] (٢) ممكناً، فالرجوع إلى المشتري بعيد مع أنه لم يخرج من ملكه شيء، وإنما يعود إلى الملك ما يخرج منه.

ولو جاء المتبرع وأدّى إلى البائع عَرْضاً عوضاً عن الثمن الذي في ذمة المشتري، فالمذهب أن ذلك جائز، كما لو تبرع بأداء جنس الثمن.

ومن أصحابنا من منع ذلك من المتبرع؛ فإن بذلَ العوض يستدعي دخول المعوَّض في ملك باذل العوض، وهذا غير متصور في حق المتبرع.

والأصح الوجه الأول، لما ذكرناه من نزول تبرع المتبرع منزلة الفداء، وذلك يجري في الجنس وغير الجنس.


(١) أي إذا لم يكن ما تبرع به ثمناً.
(٢) مزيدة من (ت ٢).